وقد يذكر للنزاع ثمرة أخرى (١) ، وهو برء النذر فيما لو نذر لمن صلّى إعطاء درهم وعدمه ، فعلى القول بالأعم لو شاهد مصلّيا وأعطاه درهما تبرأ ذمّته من غير حاجة إلى الفحص عن صحّة صلاته ، وعلى القول بالصحيح لا تبرأ ذمّته بدون الفحص.
وفيه : أنّه إن اريد أنّ مجرّد صدق اسم الصلاة يوجب البرء من دون إحراز الصحّة بوجه شرعي ، فهو مبنيّ على أن يكون مراد الناذر إيجاد صورة الصلاة صحيحة كانت أو فاسدة ، وعلى تقديره فلا فرق فيه بين المذهبين ، غاية الأمر أنّه على الصحيح يكون استعمال اللفظ من عموم المجاز ـ كما لا يخفى ـ ولا ضير فيه بعد ما فرض من أنّ مراد الناذر هو إيجاد الصورة.
وإن اريد أنّه مع الصدق لا بدّ من إحراز الصحّة بواسطة أصالة الصحّة المعمولة في الأفعال ، فلا فرق أيضا بين المذهبين ؛ فإنّ الصحيحي أيضا يحمل الأفعال المشكوك في صحّتها وفسادها على الصحيح الواقعي ، والقول بحملها على الصحّة عند الفاعل ـ بعد فساده في نفسه ـ ممّا لا يجدي في المقام.
اللهمّ إلاّ أن يقال : بأنّ الصحيحي وإن كان يقول بلزوم الحمل على الصحّة ، إلاّ أنّ مجرّد ذلك لا يكفي في البرء ، بل لا بدّ من صدق الصلاة أيضا ، والمفروض أنّ الصحّة الواقعيّة لا تلازم صدق العنوان بحسب الظاهر ، فإنّ حمل الكلام المردّد بين الشتم والسلام على الصحيح لا يوجب صدق عنوان السلام ـ كما قرّر في محلّه ـ إلاّ أنّ ذلك إنّما هو ناش من إجمال لفظ « الصلاة » على القول بالصحيح ، فلا بدّ أن يراد به الأعمال المعهودة التي يعلم وجودها ووجوبها في الخارج ، وإلاّ كان باطلا ، لعدم تعقّل (٢) تعلّق النذر في قصد الناذر
__________________
(١) ذكرها المحقّق القمّي في القوانين ١ : ٤٣.
(٢) لم يرد « تعقّل » في « ع ».