من حين الانكشاف أو من الأصل؟ وجوه ، أقواها الثاني ؛ لأنّ المفروض إناطة الصحّة بالواقع ، وحين عدم العلم به لا وجه لاتّصاف الفعل بالصحّة. ولا سبيل إلى إحراز المطابقة بأصالة عدم كشف الخلاف ؛ لأنّه على تقديره لا يجدي في الاتّصاف المذكور ، فإنّ ذلك ليس من الآثار المترتّبة على المستصحب شرعا. ولا يجب إتيان الفعل في الظاهر نظرا إلى أصالة عدم المطابقة ، فإنّها مقطوعة بأصالة بقاء الطهارة كما هو المفروض. فالفعل يبقى في مرحلة الظاهر غير محكوم بالصحّة والفساد ، ولا يوجب الإعادة ، لأنّ الموجب هو العلم بعدم الاتّصاف بالصحّة الواقعيّة ، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بعد الكشف فيما قامت الأمارة الظنّية على الواقع. هذا تمام الكلام في الصحّة في العبادات.
وأمّا الصحّة في المعاملات : فقد يقال بأنّها عبارة عن « ترتّب الأثر » (١). وليس على إطلاقه ، لصدقه على الآثار العقليّة المترتّبة على الموضوعات العقليّة ، وعلى الضمان المترتّب على الإتلاف مثلا. وقد يقيّد بكون الأثر « شرعيّا » (٢) فيخرج الآثار العقليّة ، و « مقصودا » (٣) فيخرج مثل الضمان ، فإنّه ليس من الآثار المقصودة نوعا ، ولا عبرة بما إذا اتّفق كونه مقصودا.
ويكفي في شرعيّة الأثر كونه ممّا أمضاه الشارع وإن لم يكن من الآثار المخترعة المجعولة ، كالطهارة المترتّبة على الغسل.
وممّا ذكرنا يعرف الوجه فيما قيل : من أنّ الصحّة عبارة عن ترتّب الأثر
__________________
(١) فوائد الاصول لبحر العلوم : ١٣٠ ، ومناهج الأحكام : ٧٢٠ ، وراجع تفصيله في مفاتيح الاصول : ٢٩٦.
(٢) كما قيّده في القوانين ١ : ١٥٨ ، والفصول : ١٤٠.
(٣) كما في الفصول : ١٤٠ ، وفوائد الاصول لبحر العلوم : ١٣٠.