أن يقال : إنّ أصالة البراءة عن الجزء المشكوك فيه أصل بها تثبت الصحّة ولا ينافي الفساد لو لا أصالة البراءة.
وبيانه : أنّ الشكّ في تعلّق الأمر بالصلاة بدون السورة إنّما هو بواسطة الشكّ في وجوب السورة ، فأصالة عدم تعلّق الأمر بهذه الصلاة تنقطع بإعمال أصالة البراءة في السورة ، فلذلك يجب الإتيان بالصلاة بدون السورة ، لارتفاع الشكّ بطريق شرعي ظاهري.
وإن كان الشكّ في صحّة العبادة بمعنى إسقاطها القضاء (١) فإن كان الشكّ فيه مسبّبا عن الشكّ في الأمر بأقسامه فقد مرّ الكلام فيه.
وإن كان الشكّ فيه بعد إحراز الأمر ، فإن قلنا بأنّ التفسيرين متلازمان وليس تفسير الفقهاء بأخصّ من تفسير المتكلّمين ، فيكون الشكّ في مسألة الإجزاء ، فلا وجه لأصالة الفساد في المقام ، سواء اخذ الأمر فيهما واقعيّين أو ظاهريّين ، وذلك ظاهر في الغاية ، فإنّ الأمر الظاهري أيضا يفيد الإجزاء بالنسبة إلى الأمر الظاهري ، ولا يجب الإعادة بالطهارة المستصحبة قطعا. نعم ، للأصل المذكور وجه على القول بعدم الإجزاء.
وإن قلنا بأخصّية تفسير الفقهاء بأن (٢) قلنا بأنّ الصلاة بالطهارة المستصحبة مطابقة للأمر وليست مسقطة للقضاء ، فقد عرفت في مسألة الإجزاء أنّ الأصل يقضي بالإعادة لو كان الشكّ فيها بعد كشف الخلاف ، لعدم إفادة الأمر الظاهري الإجزاء ـ فلأصالة الفساد وجه. وأمّا لو كان الشكّ في القضاء ، فيحتمل القول بعدم وجوبه ، لاحتمال التدارك.
والفرق بين الإعادة والقضاء : أنّ الإعادة مطابقة للأصل لكونها ثابتة
__________________
(١) عطف على قوله : « فإن كان الشكّ في صحّتها بمعنى موافقتها للأمر » في الصفحة السابقة.
(٢) « بأن » من هامش ( ط ).