وثانيا : سلّمنا حرمة الإيجاب ، لكنّه لا يوجب النهي عن المعاملة المركّبة من الإيجاب الصادر من الغاصب والقبول الصادر عن الجاهل ، كيف! وهو جاهل لا يعقل الحرمة في حقّه. وتعلّق النهي بالجزء إنّما يسري إلى الكلّ فيما إذا كان الكلّ متعلّقا بعمل شخص واحد ، وأمّا إذا كان الجزء الآخر فعلا لغيره فلا وجه للحرمة. اللهم إلاّ أن يفرض الغاصب متولّيا لطرفي العقد مع لحوق الإجازة بعد تحقّق الإيجاب.
وأمّا بناء على القول بأنّه النقل (١) ، فقال في القوانين : إنّ الأمثلة كثيرة واضحة (٢).
وفيه ـ كما نبّه عليه بعضهم (٣) ـ : أنّ الكثرة والوضوح ربما توجب خفاء الأمر وعدم الاطّلاع ، وإلاّ فنحن لم نقف له على مثال واحد.
وربما يمثّل بصفقة واحدة مشتملة على بيع ما يملك وما لا يملك ، إلاّ أنّه أيضا لا يشفي العليل ولا يروي الغليل ، لأنّ النقل أمر بسيط لا يعقل التجزئة فيه وكونه حراما بواسطة جزئه وإن كان المنقول مركّبا.
وأمّا الثالث : فهو المنهيّ عنه لوصفه الداخل في (٤) العبادات ، فكالنهي عن الصلاة اللازم من النهي عن الإخفات في موارد الجهر أو العكس ، فإنّ الجهر والإخفات من الأوصاف الداخليّة للقراءة حتّى كأنّهما من الفصول المقوّمة لأنواع القراءة على وجه لا يتصوّر انفكاك القراءة من أحدهما. وفي المعاملة كبيع الربوي مثلا.
__________________
(١) عطف على قوله : « على القول بأنّ البيع نفس الإيجاب والقبول » في الصفحة السابقة.
(٢) القوانين ١ : ١٥٦.
(٣) لم نعثر عليه.
(٤) في ( ع ) : من.