الحكم بعدم الفساد ، وقد مرّ نظيره فيما مرّ مرارا. فلا إشكال في شيء من ذلك بعد ما عرفت من امتناع الاجتماع ، وإنّما الإشكال في تمييز هذين القسمين وبيان صغريات هاتين القاعدتين.
فنقول : لا إشكال في الموارد التي نعلم بدخولها في القاعدتين. وأمّا الموارد المشكوكة ، فقضية الظواهر وإن كانت تقتضي الحكم بالحرمة فقط ، ويتبعها الفساد اللازم منها ، إلاّ أنّه يمكن دعوى أنّ الغالب في النواهي الواردة في العبادات ـ على أقسامها ـ إنّما هي ناظرة إلى الإطلاقات القاضية بصحّة هذه العبادات. فيكون المقام مثل ما ذكروا في الأمر الوارد عقيب الحظر فإنّ المستفاد منه ليس الوجوب ، مع أنّ الظاهر بحسب اللغة هو الوجوب ، إذ لا فرق بين ورود الأمر عقيب النهي وبين ورود النهي عقيب الأمر ، فإنّهما في مرحلة سواء.
مع إمكان أن يقال : إنّ استعمال النواهي في الإرشاد ليس على خلاف الظاهر ، فإنّها مستعملة في الحرمة التشريعيّة. لكنّه بعيد جدّا ؛ فإنّ الحرمة التشريعيّة لازمة لعدم كون المنهيّ عنه مأمورا به ، ولو فرض عدم استعمال النهي في الإرشاد لا دليل على كونه غير مشروع بعد اقتضاء الإطلاق مشروعيّته ، فلا يعقل هناك حرمة تشريعيّة حتّى يستعمل النهي في تلك الحرمة.
المورد الثاني في المعاملات
وتوضيح الحال هو أنّ النواهي الواردة في المعاملات على أقسام :
أحدها : أن يكون النهي متعلّقا بالمعاملة من حيث إنّها أحد أفعال المكلّف ، فيكون إيجاد السبب والتلفّظ بالإيجاب والقبول ـ مثلا ـ وقت النداء مثل شرب الخمر محرّما ، من غير ملاحظة أنّ ذلك الفعل المحرّم يوجب نقلا وانتقالا. ولا ريب