في عدم دلالة هذا النحو من النهي على الفساد ، فإنّ غاية مدلوله التحريم وهو لا ينافي الصحّة ، فإنّ المعصية تجامع ترتّب الأثر ، كما يشاهد في الأسباب العقليّة بالنسبة إلى الآثار العقليّة ، والشرعيّة أيضا.
وثانيها : أن يكون مفاد النهي هو مبغوضيّة إيجاد السبب لا من حيث إنّه فعل من الأفعال المتعلّقة للأمر والنهي باعتبار المصالح والمفاسد ، بل من حيث إنّ ذلك السبب يوجب وجود مسبّب مبغوض في نفسه ، كما في النهي عن بيع المسلم للكافر ، فإنّ إيجاد السبب حرام بواسطة إيراثه أمرا غير مطلوب مبغوض ، وهو سلطنة الكافر على المسلم بناء على القول بالصحّة ووجوب الإجبار على إخراجه عن ملكه.
وهذا القسم ـ أيضا ـ يمكن القول بعدم دلالة النهي فيه على الفساد ، إذ لا مانع من صحة البيع حينئذ ، غاية الأمر وجوب النقل وإجبار الناس له على عدم إبقاء ذلك المسبّب بحاله بواسطة النهي الكاشف عن المبغوضية. إلاّ أنّ ذلك إنّما يستقيم فيما إذا قلنا بأنّ الأسباب الناقلة إنّما هي مؤثّرات عقليّة قد اطّلع عليها الشارع وبيّنها لنا من دون تصرّف زائد. وأمّا على القول بأنّ هذه أسباب شرعيّة إنّما وضعها الشارع وجعلها مؤثّرة في الآثار المطلوبة عنها ، فلا بدّ من القول بدلالة النهي على الفساد ، فإنّ من البعيد في الغاية جعل السبب فيما إذا كان وجود المسبّب مبغوضا.
وكأنّه إلى ذلك ينظر ما حكي عن الفخر : بأنّ قضيّة اللطف عدم إمضاء المعاملات التي تكون مبغوضة عنده (١) ، فإنّ ذلك على إطلاقه ربما لا يساعده دليل ولا ضرورة.
__________________
(١) لم نعثر عليه.