اللهمّ إلاّ أن يقال (١) : بأنّ الموضوع له هو مصداق هذا المفهوم ، وهو المركّب المستجمع للأجزاء والشرائط ، وهذا أمر يعقل أن يكون موضوعا له ، بخلاف القول بالأعم ، إذ الموضوع له فيه غير معقول ؛ ضرورة بطلان القدر المشترك بين الناقص والزائد ، وهو المراد من قولهم : بأنّه على الأعمّي يلزم بقاء الكلّ مع انتفاء الجزء.
ولا وجه لما يقال في دفعه : من أنّ الجزء تارة يكون جزءا في حالتي الوجود والعدم ، واخرى يكون جزءا ما دام موجودا ، فإنّ قضيّة ارتفاع الكل بارتفاع الجزء ضروريّة لا يعقل فيها الفرق بين الحالتين ، كما لا يخفى على المتدبّر المتدرّب.
السابع : أنّه لو كانت تلك الألفاظ موضوعة للأعم لكان الرجوع إلى عرف المتشرّعة كافيا في معرفة تفاصيل هذه المعاني المقرّرة في الشريعة ، مع أنّه ليس كذلك ، بل لا يعرف تلك التفاصيل إلاّ بالرجوع إلى الأدلّة التفصيليّة المقرّرة في الكتب الاستدلاليّة ، وهذا هو المراد من كون العبادات توقيفيّة موقوفة على بيان الشارع ، وبهذا يفرق مع المعاملات المحالة إلى العرف. ومجرّد الرجوع في المعاملات إلى العرف العام وفي العبادات إلى عرف المتشرّعة لا يصلح فارقا ؛ لما عرفت من عدم الكفاية ، للاحتياج إلى مراجعة الأدلّة بعد الرجوع إليهم أيضا.
والسرّ في ذلك : أنّ تشخيص الموضوع في العبادات راجع في الحقيقة إلى تشخيص الأحكام التي لا مسرح للعرف فيها ، فإنّ (٢) معنى جزئيّة السورة ليس إلاّ وجوب قراءتها والإتيان بها في عداد الأفعال المقرّرة في الأوقات
__________________
(١) في « ط » و « ع » بدل « يقال » : « يقول ».
(٢) في « ط » زيادة : « المحصّل من ».