الخامس : أنّه قد تقرّر في محلّه : أنّه إذا علم اختلاف أمرين في حكم ـ كأن يكون ثابتا لأحدهما دون الآخر ـ وشككنا في أنّ الفرد الذي انتفى عنه الحكم ، هل هو من أفراد الأمر الذي ثبت له الحكم ، ليكون ذلك تقييدا لإطلاقه أو تخصيصا لعمومه؟ أو أنّه خارج عنه مباين له ليس من أفراده ، لئلاّ يكون ذلك تقييدا؟ فبأصالة عدم التقييد يستكشف كونه مباينا له وخارجا عنه.
وإذ قد عرفت ذلك ، فنقول : إنّ الأمر دائر بين أن يكون الفاسدة من حقيقة الصلاة ، ليكون عدم جريان حكم الصلاة عليها من الوجوب وغيرها تقييدا للإطلاق ـ كما أنّ عدم جريان حكم البيع على البيع بالفارسيّة تقييد لإطلاقه ـ وبين أن لا تكون من حقيقة الصلاة وتكون مباينة لها خارجة عنها ، ولذلك لم نشاركها في الحكم ، فبأصالة عدم التقييد يستكشف أنّ الصلاة ليست مطلقة شاملة للفاسدة الخارجة ولو لم يكن بهذا العنوان ؛ لما مرّ من أنّ الفاسدة ليست عنوانا للمقيّد. وفيه تأمّل.
السادس : أنّ هذه الألفاظ لو كانت موضوعة للصحيحة كان لها وجه ضبط في المعنى الموضوع له كـ « الصحيحة » و « المبرئة للذمّة » و « المطلوبة للشارع » ونحو ذلك من المعاني التي يمكن تعقّلها والوضع بإزائها ، بخلافه على القول بالأعم ؛ لعدم انضباط الموضوع له على وجه يمكن تعقّله ثمّ وضع اللفظ.
وفيه : أنّ المحذور إن كان مجرّد عدم الانضباط ، فيمكن دفعه على القول بالأعم : بأنّ المفاهيم العرفيّة ممّا لا يمكن ضبطها في الأغلب ، والأمر فيها محال إلى العرف. وإن كان مع عدم المعقوليّة فما جعله وجه الضبط على القول بالصحيح أولى بعدم التعقّل ؛ لأنّ الصحّة وما يشابهها لا يعقل أن يكون داخلا في الموضوع له ، ومع ذلك فالأمر أيضا غير منضبط ؛ لاختلاف الصحّة باختلاف الموضوعات الطارئة على المكلّفين ، كما تقدّم في تصوير القول بالصحيح.