ومثلما رأينا عصمة الرسول صلىاللهعليهوآله في شهادته على الأمم ، فإننا نجد الآية الكريمة : (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ) (١) والآية الكريمة : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) (٢) تعاود تبيان ما رأيناه في الآيات السالفة ، فهي تحدد أولاً وجود الامتداد الرسالي بجهة غير جهة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، سميت في الآية الكريمة الأولى بالشاهد التالي لشهادته (صلوات الله عليه وآله) ، وفي الثانية بالشاهد الثاني على رسالة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد عادلت الآية شهادته مع شهادة الله سبحانه ، وشاهد يستخدم القرآن الكريم كلمة (كَفَى) بكل ما تفيده من حصر للتصديق بشهادته ، لا بد وأن تكون شهادته شهادة معصومة!. (٣)
* * *
ولو نظرنا إلى الواقع الموضوعي للشأن الرسالي في بعده التاريخي ، لوجدنا أن الضرورة الرسالية بوجود الامتداد المعصوم يوم توفي الرسول صلىاللهعليهوآله كانت في أكثر أحوال وجودها إلحاحاً.
فلو أخذنا نموذج العلم في صورته البسيطة لا المعقدة ، لوجدنا ان بعضاً من علية الصحابة وأكابرهم كانت لديهم ما يشبه الأميّة في فهم مفردات الكلمات القرآنية ، فضلاً عن معمّيات مسائل الآيات ، فمثلاً تمثّل قضية تفسير كلمة الكلالة الواردة في الآية الكريمة : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
____________________
(١) هود : ١٧.
(٢) الرعد : ٤٣.
(٣) أنظر لتفصيل الحديث عن الآيتين الكريمتين كتابنا : من عنده علم الكتاب؟.