الحديث عن أي شخص يخطىء ويصيب كما في قوله تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (١) فإنه لا يريد بالمودة هنا كل قربى الرسول صلىاللهعليهوآله رغم ما في زوجات الرسول من قربى قريبة ، وذلك لأن المودّة المفروضة هنا تشير إلى عصمة من طولبنا بمودتهم ، إذ لا يعقل أن الله الذي يخاطبنا بخاطبين مختلفين في شأن عواطفنا ، فينهانا عن موادة الذين حادّوا الله ورسوله حتى لو كانت قرابتهم من أمسّ القرابات كما يتبيّن من قوله تعالى : (لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٢) بناء على مقتضيات الرسالة ، ثم يأمرنا بموادّة جهة اخرى بعيداً عن هذه المقتضيات ، وحينما يكون القربى عدلاً للرسالة ، فإن كيانهم كامتداد رسالي يكون كياناً ثابتاً لا محالة ، ومثل ما وجدنا هذا الامتداد ، فإننا نلحظ العصمة هنا تسير معه كصنوان لا يفترقان ، فالأمر بالموادّة هنا جاء مطلقاً ، وهذا الإطلاق في الأمر المعادل للرسالة أيضاً نجد فيه ما وجدنا في غيره من الآيات من أن الأمر المطلق بالموادّة يعكس حتماً عصمة المطلوب موادّتهم ، إذ لا يخلو الأمر من أن يخطىء هؤلاء فيكون أمر القرآن قد تناقض مع الآية التي تنهانا عن موادّة الذين يحادّون الله ورسوله ، ولا ريب أن كل خطأ مهما صغر هو محادّة وإن تضاءلت درجتها.
____________________
(١) الأحزاب : ٣٠ ـ ٣٣.
(٢) المجادلة : ٢٢.