اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً) (١).
ومن المعلوم ان عائشة لو خرجت من هذا القيد ، فقدخرج من سواها من أمهات المؤمنين. (٢)
٦ ـ ونختم هذه الملاحظات التي سجّلت على عجل بالاشارة إلى ما في الآيات من دلالة واضحة للتفريق بين زوجات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين أهل بيته ، فعلاوة على استخدام القرآن لنون النسوة المرتبطة مباشرة مع خطابه لزوجات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنك تجد تعاقب استخدامه لكلمات : أزواجك ونساء النبي ، حتى إذا ما أراد أن يحرف وجهة الحديث استخدم كلمة أهل البيت ، مما يستدعي البينونة بين الاثنين ، فلو كان الحديث متصلاً فما السبب البلاغي
____________________
(١) سورة التحريم : ١ ـ ٥.
(٢) يتصوّر بعض السذّج ان مقام أم المؤمنين ينطوي على مناقبية خاصة بحيث ان من حظيت بهذه الصفة كانت مزكاة ، والحال ليس على هذه الشاكلة أبداً! فأمهات المؤمنين فيه قيد تشريعي وقيد مقامي ، أما القيد التشريعي فهي حرمتها الأبدية على المؤمنين ، بحيث ان الرسول عليهالسلام إذا ما انتقل إلى جوار ربه تنسدل حرمة الزواج عليهن من غيره بشكل مطلق ودائم ، أما القيد المقامي فهو ما عبرت عنه الآية الشريفة : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً) فهنّ في حال التقوىلسن كغيرهنّ ، والأمر نفسه في حال الفحش ، ولا دلالة على التزكية لهذا المقام بحدّ ذاته أبداً ، بل لربما نجد في الآية الكريمة : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) [التحريم : ١٠] توضيح إلهي لحسم الأوهام الناشئة في هذا المجال.