فقالت له فاطمة : قد ذهب يأتي برسول الله ثم يروي ما شاهد ، فإيّهما نصدّق؟!
* * *
بعد كل ذلك نلاحظ أن ما حاول القوم الخروج به من الآية لم ينفعهم ، وأن دلالة الآية لم ينفعهم ، وأن دلالة الآية بما تطرحه من مواصفات تجعل من المستحيل أن يتطابق تشخيص هذه المواصفات مع أي كان ، اللهمّ إلاّ يخبر به الصادق المعصوم في صدقه ، وليس لنا في هذا الشأن غير القرآن الكريم ، والمتواتر في صدقه من قول الرسول الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ونحن إذ نكون قد استعرضنا مثالين كافيين من أمثلة القرآن على هذا التشخيص ، لا نفوّت الفرصة دون الاشارة إلى المغزى الذي يكمن في حرص القرآن الكريم على الإكثار من ذكر الثناء على مواقف أهل البيت عليهمالسلام كلاً أو جزءاً! ولا يتوقف عند ذلك فحسب ، بل يأمرنا بوجوب المودّة لهم ، فهل يريد القرآن أن يبرز لنا اهتماماً بعائلة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بناء على المقتضى الرحمي الضيق له الفارغ من الأبعاد الرسالية؟
فإن قيل : نعم ، قد فعل ذلك ، قلنا : فإن سورة المسد قرّعت وعنّفت عم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وامرأته (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) (١) وهي خير دليل على زيف ذلك ، فهذه السورة أظهرت أن شأن الرسالة هو الملاك الوحيد الذي بموجبه أنزل الله سبحانه وتعالى قرآنه وأرسل نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وبالنتيجة فإن : القرآن الكريم لا يمكن أن يتحدث عن تلك المناقب والفضائل بشكل مجرد او بصورة اعتباطية لا هدف لها ، فهو الكتاب الذي
____________________
(١) سورة المسد.