(لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (١) ، ولهذا لا بد من القول بأن إحدى صور هذه الهدفية هي غاية جمع الناس حول أصحاب هذه الآيات وشد انتباهم إليهم. (٢) وهذه الغاية لا يمكن تصوّر حصولها ، إلا من خلال كون من يطلب القرآن الكريم توجيه النظر إليهم هم من أهل العصمة ، فمع أمره بوجوب مودّتهم ، فإننا سنكون ملزمين بمودتهم في كل شيء ، وهذا الوجوب في المودة يستوجب أن تكون جهة الود متمتعة بصفتين أساسيتين هما :
الأولى : أن يتوفر فيها العقلائي لهذا الود ، فإذا كان الطلب الإلهي لا يقوم على الاعتباط والجزافية ، فإن من الضرورة بمكان أن يتوفر هذا المبرر ، لأن عدم توفره سيكون أحد المطالب المحقّة لدى الخلق يوم القيامة في الاحتجاج على الله ، وهذا محال لأن الله وصف حجته بالبالغة ، ولا ريب أن هذا المبرر يستدعي أن يكون من طولبنا بمودتهم في أعلى درجات العصمة ، حتى لا يقع منهم خطأ فيستوجب نفرة الناس منهم ، مما يلغي وجود هذا المبرر.
الثانية : إن عدم عصمة هؤلاء سيؤدي إلى تعارض التكيف الشرعي ، وذلك لوضوح أن عدم عصمتهم سيؤدي إلى وقوعهم في الخطأ ، مما سيعني أنْ توادّهم في خطئهم وصوابهم لأنه واجب لوضوح الاطلاق في الأمر ، وهذا خلاف الحكمة والعدل الإلهيين ، وبناء عليه فإن هؤلاء ينبغي أن تكون أفعالهم حاكية لواقع العصمة ، لأن أفعالهم ستغدو وفق ذلك أحد الملاكات الأساسية في التشريع. (٣)
____________________
(١) فصلت : ٤٢.
(٢) الإمامة ذلك الثابت الإسلامي المقدس : ١٨١ ـ ١٨٢.
(٣) وهو نفس السبب الذي جعل ستّة المعصوم عليهالسلام مرادفة للتشريع ، فأصبح قوله وفعله وتقريره بمثابة التشريع لنا.