أهل بيتي. (١)
ولكن وقد آن فراق الحاج ، واستعدت القوافل لتودع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولعلها تراه لآخر مرة ، جمعهم في غدير خم فقال لهم وفق ما رواه الترمذي بطريقه إلى أبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ؛ أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. (٢)
وبعد أن قدّم لهم هذا الإغراء العظيم الذي لا يمكن لأحد مهما بلغ في ضعة إيمانة أن يتهاون فيه : «لن تضلوا بعدي»! وأي شيء أهم لديهم من أن يضمنوا الهدى ويبتعدوا عن الضلال؟ حان الوقت ليضع لهم الحروف على النقاط ، فبعد كل إغراء لا بد من حسم في إبداء المطلوب منه ، فالإغراء كالجزاء بالنسبة إلى الشرط ، ولهذا قال البراء بن عازب : نزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله صلىاللهعليهوسلم تحت شجرتين ، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي رضي الله تعالى عنه فقال : ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى ، قال : فأخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، قال : فلقه عمر بعد ذلك فقال له : هنيئاً يابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة! (٣).
____________________
(١) سنن الترمذي ٣٢٨ : ٥ ح ٣٨٧٤ ، وحسّنه.
(٢) سنن الترميذي ٣٢٩ : ٥ ح ٣٨٧٦ ، وحسّنه.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ٢٨١ : ٤.
أقول : روى حديث الغدير : «من كنت مولاه» بتفصيل أو من دونه وبلفظه أو بما يشبهه كلاً من : النسائي في السنن الكبرى ٤٥ : ٥ و ١٠٨ و ١١٣ و ١٣٠ و ١٣٢ و ١٣٤ و ١٣٦ ، وفي فضائل الصحابة ١٤ : ١ ، وفي الخصائص : ٤٧ ح١٠ و ٧٤ ح٢٣ و ١٥ ـ ١٦٣ ح ٧٩ ـ ٨٨ ح ٩٣ ـ ٩٦ و ١٨٠ ـ ١٨٢ ح ٩٨ ـ ٩٩ =