إلى ضغائن (١) في صدور قوم آخرين ، وهو الأمر الذي أبكى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم كان الأمير عليهالسلام يماشيه فبكى (بأبي وأمي) فسأله عن سبب بكائه فقال له : ضغائن في صدور رجال لن يبدوها لك إلاّ من بعدي. (٢)
٢ ـ وتشير الدلالات التي تبرز لنا من خلال طيّات حديث الثقلين إلى أن الحديث الشريف أكثر من أن يحصر نفسه في دائرة الحب المجرد والعاطفة العامة لما ترك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعناه بالثقلين ، فمع تأكيده بأن الضلال لن يقارب الأمة طالما تمسكت بهما ، يغدو حديث الكثير من مفسري العامة لهذا الحديث والمبتني على أساس الحب والعاطفة المجردين محض وهم ، إن لم نقل بأنه محاولة لتغريغه من محتواه الحقيقي ، فالهدى لا يدرك كما أن الضلال لا يبعد لمجرد الحب ، كيف؟ وقد رأيت القرآن الكريم يتحدّث عن حب أقوام ومودتهم وليس في محبتهم إلاّ الردى والضلال (لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ
____________________
= بالشهادتين فقبلنا ، وبالصلاة وبالزكاة والصيام والحج فقبلنا ، ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضّله علينا! فهذا شيء منك أم من الله؟! فقال : والذي لا إله إلاّ هو إنه من الله. فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير ٢١٨ : ٦ لمحمد بن عبد الرؤوف المناوي ؛ المكتبة التجارية الكبرى ـ القاهرة ١٣٥٦ ـ ط ١. وانظر الخبر في تفسير القرطبي ٢٧٨ : ١٨ ـ ٢٧٩ ، وتذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : ٣٧ ، وجواهر العقدين للسمهودي : ٢٤٧.
(١) جمع الضغينة ، وهي الحقد والغل.
(٢) مسند أبي يعلى الموصلي ٤٢٦ : ١ ، ومسند البزار ٢٩٣ : ٢ ، والمعجم الكبير لأبي القاسم الطبراني ٧٣ : ١١ ، وكنز العمال للمتقي الهندي ٤٠ : ٥ ، و ٤٠٨ : ٦ ، ١٥ : ١٤٦ ، وفي منتخب الكنز ٥٣ : ٥ ، وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ٤٥ : ٦ ، وتاريخ بغداد للخطيب أبي بكر البغدادي ٣٩٨ : ١٢ ، وتاريخ دمشق لابن عساكر ٣٢٢ : ٤٢ ـ ٣٢٤ ، ومجمع الزوائد لابن حجر الهيثمي ٩ : ١١٨ ، وكفاية الطالب للكنجي الشافعي : ٢٧٣ ، والمناقب للخوارزمي : ٦٢ ح ٣١ ، ٦٥ ح ٣٥.