أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) (١).
وهذا الأمر هو حالة طبيعية ، فمتعلق الهدى والضلال هو الفكر ، والعاطفة دورها دور المغذّي والشاحذ لهذا الفكر ، فإن آمن فكر الإنسان بقضية كان للحب دوره في تأجيج حالة الالتزام بهذه القضية ، أما أن يكون الحب والعاطفة هو مقياس الضلال ، فأمر لا يمكن لساذج أن يتحدث عنه ، فما بالك بالرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! ولهذا فإن الحديث يرمي إلى القول بحتمية وجود جهتين يتحاكم لهما في شأن الهدى والضلال ، جهة تمثل القاعدة الثابتة والأساس التي لا يمكن الحياد عنها وهي القرآن والذي سمي بالثقل الأعظم ، وأخرى التي يقاس بها الالتزام بتلك القاعدة وهم أهل البيت وقد سمّاهم الحديث بالثقل الأصغر.
ولتقريب ذلك أقول : يمثل الدستور ـ كمصطلح معاصر ـ في الدول قاعدة ثابتة للمتشرعين يدورون حوله ، وكلما كانت الفقرات الدستورية قابلة للتأويل المتعدد أو ناقصة عن محاكاة كل القضايا ، كلما أمكن الخروج بتشريعات وتشريعات مضادة لها ، وما يسمى اليوم في عرف القانون بالثغرات القانونية ما هو إلاّ صورة من صور هذه النقيصة أو شكل من أشكال التعددية في فهم المواد الدستورية ، ولهذا تظل الدول أسيرة لحالة التعديل المستمرة لفقرات الدستور ، والتي تمثل في عرف الكثيرين خضوع الدستور ـ في غالب الأحيان ـ إلى نفوذ القوى المتسلطة في البلد ، كما وتسبب مسألة التعددية في فهم المواد الدستورية مفتاحاً للتلاعب بالقوانين والاحتيال عليها أو تطويعها لمصالح الأطراف المتصارعة ، وباعتبار ان الدستور يمثل نصاً جامداً غير ناطق ، فإن الدول افترضت وجود جهات يتم من خلالها حسم الأمور التي تغدو مورد تجاذب بين المتصارعين باسم هذا الدستور ، ولو أخذنا هذا المثال وحاولنا فهم الصورة الدستورية لمجتمع ما بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لوجدنا
____________________
(١) المجادلة : ٢٢.