زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً) (١) وقد اعتبرها القوم من الآيات الدالة على القدح بعصمته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلقد رووا انه طلب زيد بن حارثة ، فلم يجده في بيته فرأى زينب فوقعت في قلبه!! وذهب يهمهم مع نفسه ويقول : سبحان مصرف القلوب فأخبرت زينب زوجها زيد فجاء إلى الرسول يسعى وهو يقول له : يا رسول الله لعل زينب أعجبتك فأفارقها؟ فقال له الرسول : أمسك عليك زوجك وهو يخفي عن زيد مشاعرة تجاه زوجه!! (٢)
وإن اللسان ليعجز عن وصف جرأة هؤلاء على رسولهم ، أفلرسول الله الحيي يقال ذلك؟ أم لرسول الله الزاهد في الدنيا وما فيها ينسب ذلك؟ أم لرسول الله الورع المتقي يعزا طمعه في زوج غيره؟!!
وبمعزل عن تفاهة هذا المقال واجحافه المرير بحق رسول الله بأبي وأمي ، فإن الآية ناظرة إلى أمر يختلف كلية عما ذكروه ، فزينب هي قريبة رسول الله وبنت عمته ، والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هو من أمر بزواج زينب من زيد مولاه ، وكان زيد ينعت بابن محمد ، ومن شأن الجاهلية أن من مثل زيد ممن ينتسب إلى البيوت إن طلق زوجته ، فلا يتزوجها مربيه ، وأراد الإسلام أن ينقض ذلك ، وكان من علم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن أمر زينب سيؤول إليه في النهاية ، ولكن هذا العلم كان الرسول صلىاللهعليهوآله يخفيه ولا يبديه ، فجاء زيد وهو يشكو زوجته لرسول الله لأمر يعرض لزوج مع زوجته ، فيطلب الرسول من أن يمسك زوجته ويتقي الله ، ولم يتكلّم بأمرها حتى طلقها زيد نتيجة ما ثار بينهما من مشاكل ، وانقضت عدتها ، وأراد الله من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يتزوجها ، فيما كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يخشى أقاويل المحيطين به ، فنزلت الآية الشريفة وهي تطرح
____________________
(١) الأحزاب : ٣٧.
(٢) الدر المنثور ٢٠٢ : ٥.