أن يعمد لتخفيف لهجة الآية الشريفة كي تكون غير قادحة بعصمته (صلوات الله عليه وآله) وما كان عليهم أن يقوموا بذلك بعد أن كفاهم أهل البيت عليهمالسلام مؤونة ذلك.
هذا ، وقد أكثر فضل الله في أكثر من موضع من ذكر الرواية المنسوبة للإمام الصادق عليهالسلام والتي يوردها الطبرسي في مجمع البيان : مرحباً مرحباً ، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً.(١)
والكلام في هذه الرواية لا يؤيد ما ذكره أبداً ، فالرواية من حيث الأصل لا مستند حقيقي لها ضمن موازين علم الحديث والدراية ، فهي مرسلة ، ولا يعرف لها وجود في المصادر المعتبرة ولا غيرها من كتبنا المتداولة حالياً ، ولهذا فإن علمها يوكل إلى الشيخ الطبرسي ، ولا يلزمنا ذلك بشيء ، ولو صحت لأمكن حملها على محامل كثيرة لا تؤدي المعنى الذي يروّج له هذا الرجل ، إذ يمكن أن تكون قد جاءت لنفي العتاب جملة وتفضيلاً ، كما في قولنا للآخر : والله لا يصل إليك منا مكروه أبداً ، فهو لا يعني ان المكروه قد وصل منّا إليه وقد تبنا من أيصاله من بعد ذلك ، ويمكن حملها لو حصرنا ظاهرها في العتاب على التقية ، وهو أمر شائع وسائغ ، فهل ندرت هذه المحامل فلم يجد هذا الرجل (المبتلى بتوفيقه في فهم مقام أهل البيت عليهمالسلام) غير توجيه العتاب الإلهي إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!
ز ـ ويبقى علينا التذكير في ما أشرنا إليه من قبل ، وهو التساؤل عن السبب الذي يجعل القرآن يتحدّث عن لوم رسول الله في العلن؟ أو ما يسميه فضل الله بالقسوة الملحوظة في حديث الآيات مع النبي والتي يعتبرها ـ أي القسوة ـ ظاهرة واضحة في أكثر الآيات التي تتصل بسلامة الدعوة واستقامة خطها ، (٢) ويبقي هذا اللوم على مدى الدهر يقرأ كل قارىء! علماً أن هذا
____________________
(١) مجمع البيان ٥ : ٦٦٤.
(٢) من وحي القرآن ٢٤ : ٦٣.