لا نسلخت منه النبوة والرسالة فوراً.
ه ـ وأما قوله تعالى : ( وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى ) فهو يثير الأمر مجيء شخص يسعى في شأن هدايته ، فيما المخاطب يتهلّى عنه ، وهذا القول يؤذي نفس ما رأيناه في سابقه ، وبالتالي فهو لا يمكن أن يختص برسول الله ، فصفة اللهو تمثل حالة لا تتناسب مع مقام النبوة ، سواء قلنا بأن المشار إليها هو الحالة الأخلاقية للّهو ، أو الحالة التي تعبّر عن الاعراض عمّن جاء يسعى بين يدي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إذ يلزمنا القول بأن الرسول إما أن يكون قد لها عن أمر ربّه ، وإما أن يكون قد أعرض عن مؤمن وأقبل على مشرك ، وهو ما لا يحسن برسول الله القيام به ، بل يحرم عليه ذلك لوضوح الأمر القرآني له القاضي بالتناهي عن ذلك كله.
د ـ أما الحديث الروائي هنا فنحن بين صنفين من الحديث ، صنف دأب حديث أهل العامة على الترويج له وهو ما حكاه فضل الله ، وقد تسرّب هذا الحديث في كتب التفسير الخاصة لأسباب عديدة منها : حالة التقية التي كانت تحكم الأوضاع الاجتماعية والثقافية للمفسرين المتقدّمين كالطبرسي وغيره والتي كانت تلزمه بأن يورد حديث القوم ، ولكن يلاحظ على غالبية هؤلاء مزجهم حديث أهل البيت عليهمالسلام مع حديث العامة لأسباب ليس من العسير فهمها مع ترجيحهم لحديث أهل البيت عليهمالسلام ، ولربما حاول بعضهم أن يعطي للقارىء أفقاً ثقافياً في حالات فأورد التفسير القوم ، وأتبعه بتفسير أهل البيت ليبرز الاختلاف بين الفريقين ، مع وضوح ترجيحه لتفسيرهم (صلوات الله عليهم أجمعين) ، وقد تقصر حالة الوعي والعلم بالعديد من المتبقين كما هو حال العديد من المتأخرين ، فتراهم يناسقون وراء الحديث العامي دون حجة واقعية يستندون إليها اللّهم إلا بعض الاستحسانات التي قد تجد في عقولهم راجحاً يتمسكون به ، وهي مجموعة من الظنون التي لا تغني عن الحق شيئاً ، خاصة بعد وجود حديث أهل البيت عليهمالسلام المخالف لما جاءت به تفاسيرهم ، وقد حاول البعض من هؤلاء