الفاصل المزعوم هياكل متعددة للعديد من مفاصله ، فمفهوم الطاعة ومفهوم القدوة والاتباع يتعلق بسلوك المعصوم عليهالسلام وفكره .. فأين نلزم بالطاعة والاقتداء والاتباع؟! وأين يتوقف هذا الإلزام؟! وأي حديث من أحاديثه سنتعبّد به كنص فكري يلزمنا بصياغة أفكارنا وفقاً لمقتضياته؟! وأي نصّ سندع؟! ووفق أيّة آلية سنكتشف الفرق على الدوام وبوضوح بين حديث وسلوك الذات وحديث وسلوك الرسالة؟!
فمن الواضح ان الشارع المقدّس وهو يلوّح بطبيعة رسالته القائمة على إتمام الحجة وكمالها (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلاَمَ دِيناً) (١) ويتحدّث بجزم عن أن حجته لم تتم فحسب بل هي بالغة ووافية بصورة تامة كما هو الحال في قوله تعالى : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ) (٢) لا يمكنه أن يدع حجته وهي بهذه المواصفات لتختلط أوضاعها على المكلّفين بها وتعيش حالة التكليف ضبابية لا يمكنها أن تبعث الطمأنينة في نفس المكلّف ، فهو مع عدم وجود الفاصل الموضوعي الصارم ما بين الشخصيتين سيعمد إلى واحدة من احتمالات ثلاثة : فهو إما أن يعمل بما ينقص عن الحجة الإلهية ، وإما أن يزيد عليها ، وإما ان تدركه الصدفة ليعمل دون زيادة أو نقصان وهو أندر من أن يحصل! فإن عمل بالزيادة فهو تكليف بما يزيد على حدود التكليف وهو ظلم ، وإن أنقص فغير ملزم بجزاء النقيصة وإن تخلّف في الواقع عن الحجّة الإلهية ، وكلا الحالتين تستوجب الخلل في طبيعة الحجة الإلهية التي ألزم الله نفسه بايضاحها وتبيانها بصورة كاملة ، فانتبه!
ولا أعتقد أن ثمة أجوبة موضوعية على هذه المسائل في جعبة من يدّعي الفصل ، فإن قالوا بأن المقصود بالجانب الذاتي هو كل ما عدا
____________________
(١) المائدة : ٣.
(٢) الأنعام : ١٤٩.