الرسالة ، وفي ما يخص جانب الرسالة بما عرف بأحكام الحلال والحرام والتشريعات التي جاء بها القرآن الكريم! قلنا : وإن كان هذا الفاصل لا يحل أية مشكلة على هذا الصعيد ، حيث يبقي حدود السنة مبهمة المعالم ، ولكن ذلك لا يمنعنا من القول بأن القرآن الكريم لم يكن كله شرائع ، فما تحدّث به من آيات للأحكام ومتعلقاتها هو الجزء الأقل من القرآن ، وآيات العقائد إن كانت كونية إلا انها على الرغم من كونها خاصة بموضوعات الهداية ، غير إن لها جانباً آخر في كونه يقرر حقائق علمية ترتبط بعضها بالعلوم الطبيعية كالفلك كتعرضه لقانون التوسع الكوني وفق ما عبّرت عنه الآية الكريمة (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (١) أو في حديثه عن الفيزياء كما في حديثة عن الحركة الكونية وقانون المغناطيسية الذي يتحكم بهذه الحركة كما تعبّر عن ذلك الآية الكريمة : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٢) أو في حديثه عن عالم الهوية الشخصية لكل إنسان كما يعرفها حالياً علم الإجرام الجنائي : (بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) (٣) أو في عالم النبات (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) (٤) وهكذا الكثير من الحالات التي تحدّث فيها القرآن ، فإن قلنا بأن المعصوم عليهالسلام اطلع على أسرارها فقد خرجنا من حديث الرسالة إلى جوانب لا تتعلق بها ، لوضوح أن ذلك من الموضوعات الخارجية.
ولا أخال أننا قد نسمع تبريراً من هؤلاء بأن المعصوم عليهالسلام ليس من الضرورة أن يكون قد اطلع على تفاصيل ذلك ، وذلك لوضوح التمحّل فيه حيث لا يعقل أن الله يرسل كتاباً ولا يحيط المُرسَل به بأسراره وخصوصياته ،
____________________
(١) الذاريات : ٤٧.
(٢) يس : ٣٨ ـ ٤٠.
(٣) القيامة : ٤.
(٤) الحجر : ٢٢.