الرسول الأكرم بأبي وأمي ، ولكن أودّ أن أذكّر بما ينبغي التذكير به ، فالخبر يتعارض مع خبر البخاري السابق في شأن عصمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من الشيطان لرفعه العلقة الشيطانية عنه ، فما له أعاد الشيطان إليه من خلال عمل لبيد بن الأعصم الملقى في بئر ذروان؟!! وإذا كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يتخيل فعل ما لم يفعل ، ما يلزمه فعله ، فكيف وعى ما أنبأه به الرجلان؟ وكيف وعى الذهاب إلى بئر ذروان؟!! وإذا فقد الوعي فما له عاد ليتذكر تحصين الله له؟ ولم يك قد تذكّره من قبل!!
وما كنت لأخال البخاري ومن قبله روايته أم المؤمنين لم يقرأ الآية الكريمة في شأن عدم نطفة (صلوات الله عليه وآله) إلّا بما يوحى إليه ، (١) ولم يقرأ الآية الكريمة : ( إِلا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا) (٢) ، فلم رووا هذه الرواية؟ ولربما يزداد الأمر دراماتيكية خاصة حينما نسمع كتب القوم تتحدث عن أمر رسول الله المزعوم بشأن أن نأخذ شطر ديننا من هذه الحميراء أم المؤمنين!!
إن كان ثمة حكم في هذا المجال فلندع نفس البخاري هو الحكم حينما روى في كتابه عن عبد الله بن مسعود قوله : قام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال : هاهنا الفتنة ـ ثلاثاً ـ من حيث يطلع قرن الشيطان. (٣)
اللهمّ إليك المشتكى فإن هذا الرسول المسحور لا نعرفه ، وأم المؤمنين لا تعرف رسولهم ، بل نعرف الرسول الذي عرفتنا به آياتك رسولاً كريماً بلّغ ما ائتمنته عليه ، وما نطق من فيه كلمة ولا تصرف بتصرف إلّا وهو
____________________
(١) النجم : ٣ ـ ٤.
(٢) الجن : ٢٧ ـ ٢٨.
(٣) البخاري ٤ : ٤٦ «كتاب الجهاد والسير» باب ما جاء في بيوت أزواج النبي.