رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً * إِنَّ هذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) (١) حتمية أن تكون الجهة الممدوحة هنا بكل هذه الأوصاف الرائعة الجمال ، والمبالغة في الثناء من جهة معصومة ، فإطعام الطعام وبقية الأعمال المشار أليها يمكن أن يبادر إليها أي إنسان مؤمن ويبقى مصيره دائر بين الخوف والرجاء خشية تقلّب القلوب ، ولكن هذا المديح البالغ ، والثناء السامق ، والوعد القاطع لهم بالجنة ، وهو وعد سابق للحساب ، مما يشير حتماً إلى أن من مدح بالآيات لا يرتكب عملاً يتعارض مع دين الله في صورته الكمالية ، فاستحق هذا المدح ولما يزل حيّاً في الدنيا.
هذا على مستوى الإجمال أما على مستوى التفصيل فسنجد أن جميع الآيات التي رأيناها تتحدث عن عصمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في حدودها التفصيلية ، قد قرنت هي او مثيلاتها إلى جنبه جهة أخرى تماثله في عصمته ، فآية (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبَابِ) إذ لا تحصر علم التأويل في الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فإن آية : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) (٢) بعد ان أظهرت تطابق علم «من عنده علم الكتاب» ، مع علم «الراسخين في العلم» فإنها أظهرت في نفس الوقت المرادف الآخر لعلم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. (٣)
وآية الولاية (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (٤) التي دلّتنا في ما دلّتنا عليه على عصمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في ولايته ، فإنها قد قرنت إلى جنبه امتداداً
____________________
(١) الإنسان : ٨ ـ ٢٢.
(٢) الرعد : ٤٣.
(٣) أنظر تفصيل الحديث عن هذا الموضوع في كتابنا : من عنده علم الكتاب؟ (١٩٩٨).
(٤) المائدة : ٥٥ ـ ٥٦ وأنظر أسباب نزولها في كتابنا : القائد .. ص ١٢٠ ـ ١٢٨.