كان ذلك محال ؛ فمما لا شك فيه أنه معصوم.
وتظهر لنا الآية الكريمة : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (١) نفس الصورة التي رأيناها في الآيتين السابقتين ، فهي تحدد جهة غير جهة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كامتداد رسالي له نجد سماته بارزة في طبيعة نعتهم بأهل الذكر ، وحينما يطلق أمر السؤال يظهر لنا أن المسؤولين لا يمكن أن يخطئوا في أجوبته ، وإلاّ لما أمر بالرجوع إليهم ، وبالتالي فقد قدّمهم بعنوانهم مرجعية لطالبي العلم الإلهي في حال غياب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعه يظهر السذاجة الفكرية لدى الذين يحاولون أن يظهروا أن أهل الذكر هم علماء أهل الكتاب ، فالقرآن الذي نعت أهل الكتاب لا سيما علماءهم بأشد النعوت المنافية للهدى ، ووصفهم بأبعد الصفات عن الذكر ، واتهمهم بتحريف الكتاب والضحك من الناس كما يظهر في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (٢) كيف يمكن أن يجعلهم مرجعية للعلم المرتبط بعملية الهداية الربانية؟! ساء ما يحكمون!.
كما ترينا الآيات الكريمة في سورة الإنسان : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ
____________________
(١) النحل : ٤٣.
(٢) التوبة : ٣٤.