الرواية ، فكيف يتأتّى الاستدلال بها للمقام؟! ويمكن المناقشة بمثل ذلك في الرواية الأولى أيضا ، فتأمّل.
قوله : لعلّ معناه أنّه يبيّن كلّ واحد منهما [ قبل وقوع البيع ] .. إلى آخره (١).
هذا بعيد ، بل الظاهر أنّ المراد أنّه لا بدّ من تعيين أحدهما قبل البيع وإيقاع البيع بذلك المعيّن ، وأمّا إذا لم يعيّن (٢) فليس له إلّا أقلّهما وإن كانت نظرة ، وهذا إمّا انتقام ومؤاخذة منه بسبب تقصيره في التعيين حين الصفقة وعدم مراعاته فقه التجارة وآدابها ، أو محمول على الاستحباب من جهة مسامحته في الفقه فيها ، أو المراد أنّه لا يعطى غالبا إلّا أقلّهما ـ وإن كانت نظرة ـ من جهة أنّه لمّا لم يقع ضبط وتعيين تقع منازعات ومخاصمات وتعليلات من المشتري في اختياره الأقل ، وأنّ بناءه كان على الإعطاء عاجلا ، فحصل التأخير من طرف البائع والتقصير من جهته.
هذا وأمثال هذا ، حتّى أنّ المشتري ربّما يصرّح باختيار النقد والعاجل إلّا أنّه مماطل بدعوى اختياره الأجل بعد الاختيار الأوّل ويبني أمره على التزلزل ، فتأمّل.
ويمكن أن يكون ذلك إظهارا لفساد العقد ووقوع التسليط على الإتلاف بإزاء أن يعطي أحد الثمنين ، فلا تسلّط له في أخذ
الأكثر بعد أن رضي بالأقل أيضا ، وكون الأقل بقيد التعجيل والحلول غير نافع ، لعدم تحقّق حلول في الفاسد ، وكذا المؤجّل الفاسد لا يتحقّق فيه تأجيل شرعا ، فيأخذ العين من الحين والعوض كذلك إن تلفت ، تأمّل فيه.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٢٨.
(٢) في ه : ( يبيّن ).