قوله : وهذه ما ذكرها في « التذكرة » ، وأظنّ حسن سندها ، لأنّ الظاهر أنّ محمد بن قيس هو الثقة الّذي ينقل عنه .. إلى آخره (١).
لا يخفى أنّ هذه الرواية (٢) لا يمكن أن تصير دليلا للجماعة ، لأنّ مقتضاها تسلّط البائع على أخذ الأقل حالّا أيضا ، حيث جعل النظرة هي الفرد الأخفى ، فالأصلي هو الحالّ ، وظاهرها أنّ البائع ليس له إلّا الأقلّ وإن أخّر الأخذ إلى الأجل طمعا في أخذ الأكثر الّذي شرطه ، مع أنّ ظاهرها عدم وقوع المبايعة ، بل مجرّد المساومة ، بل قوله : « فخذها بأيّ ثمن شئت ، واجعل صفقتها » ظاهر في جعل العقد والمبايعة بالنسبة إلى خصوص أحد الثمنين ، لأنّ الصفقة هي العقد والمبايعة ، وقال : اجعل صفقة تلك السلعة واحدة ، لأنّ ظاهر السياق أنّ قوله : « أجعل » أمر كلفظ : خذ ، وخذ بأيّ ثمن تعيين لا ترديد ، لأنّه إمّا أن يأخذ بالأقل أو يأخذ بالأكثر حتّى يطابق أمر البائع وطلبه ، وظاهرها أنّ جعل الصفقة واحدة هو بعيد الأخذ والاختيار. فيكون الظاهر ما ذكرناه ، وإن قلنا أنّ قوله : « أجعل » ـ على صيغة المتكلّم ـ فتأمّل! والحاصل ، أنّه لم يظهر من الرواية أنّ المعاملة وقعت بأزيد ممّا تكلّم به البائع ، فيقول المعصوم عليهالسلام : إذا وقعت بمجرّد ما تكلّم به البائع من غير تعيين قبل البيع وإيقاع الصفقة بذلك المعيّن ، وأراد البائع أن يأخذ من المشتري ثمن هذه المعاملة الواقعة بمجرّد ما ذكره البائع ، فليس للبائع تسلّط على أن يأخذ من المشتري الثمن الأكثر وإن كان أنظره إلى الأجل ، إذ بمجرّد الإنظار ـ الّذي هو فعله ـ لا يستحقّ أن يأخذ من المشتري ذلك الثمن.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٢٨ ، تذكرة الفقهاء : ١ ـ ٤٩١.
(٢) أي : رواية عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام ، الكافي : ٥ ـ ٢٠٦ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٣٦ الحديث ٢٣٠٨٢.