بقي أن يكون بعض العوض المذكور بإزاء الانتقال والبعض الآخر بإزاء اللزوم ـ كما اختاره الشهيد ومن وافقه ـ فمع أنّه خلاف مدلول عبارة العقد ، لاتّحاد اللفظ والعبارة ، واتّحاد المدلول والدلالة ، واتّحاد القصد والإرادة ، لأنّ مقصود المتعاقدين ليس سوى مدلول العبارة ، فالتفكيك المذكور تحكّم بحت ، وترجيح بلا مرجّح.
ومع ذلك ، إن أرادوا كون هذا البيع بثمنين على تقديرين ـ أي عوضين ، عوض على تقدير اختيار مجرّد الانتقال ، وعوض على تقدير اختيار لزوم الانتقال ـ فهذا البيع فاسد عند جميع الفقهاء ، حتّى الشهيد والشيخ علي رحمهماالله وأمثالهما (١) ، بل فساده من وجوه متعدّدة ، كما عرفت ممّا كتبناه في حاشيتنا عند قول المصنّف : ( من باع مطلقا أو شرط التعجيل ) (٢).
ومع ذلك لا ينفع في المقام ، إذ لو اختار اللزوم فالدور بحاله ، وإن اختار الجواز فلا وجه إذن للشرط.
وإن أرادوا كون البيع بثمن واحد على تقدير واحد إلّا أنّ بعض الثمن بإزاء الانتقال وبعضه بإزاء اللزوم ، ففيه أنّه على هذا كيف يتصوّر تفكيك أجزاء البيع الواحد على الفرض الواحد ، حتّى يقال : يؤثّر أوّلا انتقاله ، ثمّ يبقى لزومه متزلزلا ، إن وفى بثمنه وعوضه يتحقّق اللزوم أيضا ، وإلّا فيبقى الجواز والانتقال خاصّة؟! فإن قلت : الفقهاء صرّحوا بأنّه عند فقدان الشرط يكون للمشترط خيار الفسخ ، وهذا صريح في كون الشرط بإزاء اللزوم ، وأنّه المتوقّف عليه.
__________________
(١) راجع! تحرير الأحكام : ١ ـ ١٧٣ ، جامع المقاصد : ٤ ـ ٢٠٤ ، الروضة البهيّة : ٣ ـ ٥١٤.
(٢) مرّ في الصفحة : ١٧٨ من هذا الكتاب.