ذلك فلأنّ مقتضى الأدلّة والقواعد كون التلف من المشتري والضمان عليه مطلقا ، خرج التلف الّذي من غير إتلاف المشتري بالنصّ والإجماع وبقي الباقي ، أمّا الإجماع فظاهر ، وأمّا النصّ فلأنّ القدر الّذي يتبادر منه كون التلف من غير إتلاف المشتري ـ وأيضا فسخ المشتري ـ إنّما يكون من جهة أنّ البائع ما وفى بعهده وعقده وشرطه ، فله أن يقول : ما وفيت في التسليم وما أعطيتني الّذي عهدت وعقدت وشرطت فأنا أيضا لا أوفي ، وللبائع أن يقول في صورة إتلاف المشتري : إنّي أوفيت لولا المانع منك ، فتأمّل.
وأيضا ، للبائع أن يقول : ردّ عليّ مالي سليما تامّا حتّى أعطيك الثمن ، فتأمّل.
قوله : ولكن دليل المسألة بفروعها غير ظاهر سوى ما يتخيّل [ في البعض من الاعتبار ] .. إلى آخره (١).
لا يخفى أنّ رواية عقبة المقبولة تدلّ على أنّ المشتري ضامن لماله بعد القبض مطلقا ، ومرّ عن الشارح الاعتراف بذلك في بحث التلف بعد الثلاثة (٢) ، وتدلّ على ذلك أيضا الروايتان اللتان نقلناهما في بحث تملّك المشتري بالعقد (٣) ، مع أنّه مرّ عن الشارح مكرّرا أنّ الضمان لا بدّ أن يكون من المشتري علي أيّ حال ، لانّه ماله ، مع أنّ هذا ظاهر بلا شبهة ، لا حاجة إلى الاستدلال عليه بظهور (٤) أنّ مال شخص لو تلف يكون التلف منه ، إلّا أن يثبت من الخارج ما يقتضي كون التلف مال شخص من شخص آخر ويكون ضمانه على الآخر ، لكن خرج عن القاعدة
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٤٢٠.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٤٠٦.
(٣) راجع! الصفحة : ٢٦٥ من هذا الكتاب.
(٤) في ج : ( الظهور ).