أو يكون المراد أنّ اليمين لازم على المنكر ، بأن يأتي به أو يحوّله إلى المدّعي ، أو أنّهما كذلك بحسب الأصل أو وظيفتهما ، ولم يثبت الخلاف في يمين المدّعي بحكم القاضي ، إذ لو ثبت لعلّه لا نزاع ، كما هو الحال في ردّ المنكر ، فلا يرفع اليد عمّا هو الأصل والوظيفة المقرّرة الشرعيّة بمحض ثبوت خلاف في موضع.
وممّا يؤكّد الدلالة ، أنّه على القول بعدم القضاء بالنكول يكون ردّ اليمين من القاضي عمدة في فصل الدعوى ، بل أقوى وأولى من يمين المنكر ، فلا وجه لعدم التعرّض لذكره عند ذكرهما ، سيّما والأخبار كثيرة (١).
وإنّما قلنا : إنّه أقوى وأولى لأنّ يمين المنكر فعله يثبت ما هو الأصل والظاهر ، وتركه لا يثبت الحقّ ولا يفصل. وأمّا يمين المدّعي فعله يثبت ما هو مخالف الأصل والظاهر ، وتركه ـ أيضا ـ يثبت ويفصل على المذهب الحقّ.
وأمّا ردّ المنكر ، فلعلّه داخل في : « اليمين على من أنكر » ، على حسب ما مرّ فتأمّل. مع أنّه تعرّض لذكره في أخبار كثيرة (٢) بحيث لا سترة فيه ، بخلاف ردّ القاضي ، فتأمّل! ثمّ إنّه إذا ثبت أنّه لا ردّ للقاضي ثبت القضاء بالنكول ، لعدم القول الثالث ، ولأنّ عدم إمكان قطع الدعوى حينئذ خلاف الإجماع ، فتأمّل.
ولأنّ ذهاب حقّ المدّعي ، حينئذ لا وجه له ، لمخالفته للقاعدة وظواهر الأخبار ، إذ لعلّ المنكر بالحبس أو الجبر لا يحلف ولا يردّ ، فتأمّل! ثمّ إنّه ورد أخبار كثيرة في بيان كيفيّة القضاء واستخراج الحقوق عند عدم البيّنة أو مطلقا (٣) ، وليس في شيء منها ذكر ردّ القاضي اليمين ، مع أنّ المقام يقتضي
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ٢٣٦ الباب ٤ من أبواب كيفيّة الحكم.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ٢٤١ الباب ٧ من أبواب كيفيّة الحكم.
(٣) لاحظ! الكافي : ٧ ـ ٤١٦ باب من لم تكن له بيّنة.