أحدهما وجوديا والآخر عدميّا فلا يتّجه ذلك أصلا ؛ إذ قضية الأصل إذن (١) ثبوت ما يوافقه ، فيتعين العمل بمقتضاه كما هو الشأن في نظائر المقام ، فالصواب في الجواب هو ما قدّمناه.
بقي الإشكال في المقام في أمرين :
أحدهما : أنّ ما ذكر من الأصل وكذا العموم إنّما يتمّ إذا كان الماء المفروض منفصلا من الكثير وما بحكمه ، وأمّا إذا كان محكوما بقلّته أوّلا ثمّ زيد عليه ما جعله ألفا ومأتين بالعراقية ، فلا يجري فيه ذلك ، بل الأمر فيها بالعكس ؛ إذ (٢) كان الماء قبل البلوغ إلى ذلك محكوما بانفعاله فمع الشكّ في زواله يبنى على أصالة بقائه ، ويكون ذلك حاكما على الأصل والعموم المذكور لكونه دليلا شرعيّا على الانفعال.
ثانيهما : أنّ ذلك إنّما يتمّ بالنسبة إلى اعتصام الماء ، وأمّا تطهيره لما يلاقيه على نحو الكرّ بناء على الفرق بين الكرّ وغيره في ذلك فلا ؛ لأصالة بقاء الملاقي الوارد عليه على نجاسته ، فقضية الأصل البناء على كلّ من الأصلين في محلّه.
والحاصل : أنّ تطهير الماء لورود النجاسة عليه مشروط بالكرّية على القول المذكور ، ولا دليل على حصول الكرّية في المقام عليها شرعا ، والشكّ في (٣) الشرط يوجب الشكّ في المشروط فلا يحكم به إلّا بعد قيام الدليل.
ويمكن الجواب عن الأوّل بأنّه لا مقتضى (٤) لاستصحاب الانفعال في المقام مع عدم جريان استصحاب القلّة كما عرفت ، فإنّه إذا لم يقم دليل شرعيّ على القلّة ولو من جهة الأصل لم يتّجه الحكم بالانفعال ؛ إذ هو مخالف للأصل والعموم ، فيقتصر فيه على مورد اليقين وغاية ما يثبت الحكم بانفعاله قبل الإكمال المفروض.
وأمّا بعده فاستصحاب عدم الانفعال قائم فيه ؛ إذ قضية الأصل والعموم عدمه إلّا فيما
__________________
(١) في ( ألف ود ) : « أنّ ».
(٢) في ( د ) : « أو ».
(٣) في ( ب ) : « و ».
(٤) في ( د ) : « معنى ».