ومجيء « حمل » بهذا المعنى مذكور في جملة من كتب اللغة ، فيعمّ صورتي دفع النجاسة عن نفسه ورفعها. كذا ذكره جماعة في وجه الدلالة.
ولا يخفى أنّه لا حاجة إلى حمله على ذلك مع بعده عن ظاهر الاستعمالات بل يمكن الاستناد إليه مع حمله على ظاهر العرف ؛ فإنّ عدم حمل الخبث يعمّ الصورتين ، فلو كان الخبث حاصلا قبل الكرّيّة كان عدم حمله رفعه عن نفسه ، وإلّا اقتضى دفعه عنها ، والإجماع على طهارة الماء الكثير إذا وجدت فيه نجاسة عينيّة ولم يعلم هل كان وقوعها قبل بلوغ الكر أو بعده ، فلولا تساوي الحالين لما حكم فيه بالطهارة مطلقا ، وإن بلوغ الماء حدّ الكر يوجب استهلاكه للنجاسة ، فلا فرق بين وقوعها قبل بلوغه وبعده.
ويرد عليه أنّ العمومات مخصوصة بما دلّ على تنجّس الماء ، وأمّا الإجماع فموهون بمصير الأكثر إلى خلافه.
قال المحقق (١) : « إنّا لم نقف على شيء في شيء من كتب الأصحاب ، ولو وجد كان نادرا ، بل ذكره المرتضى في مسائل منفردة وبعده اثنان أو ثلاثة ممّن تابعه. ودعوى مثل هذا إجماعا غلط ». انتهى.
والرواية على فرض كونها من روايات أصحابنا مرسلة لا تعويل عليها. ونقله الإجماع على الرواية إن عني به الإجماع على الحكم المستفاد منها فقد عرفت ما فيه وإن عني مجرد الاتّفاق على الرواية ـ إذ لا معنى لدعوى الإجماع المصطلح عليه ـ فهو أيضا ضعيف ؛ لعدم ذكرها في شيء من كتب الحديث ، وإنّما وجدت مرسلة في بعض كتب الفقه قال المحقق (٢) : ونحن قد طالعنا كتب الأخبار المنسوبة إليهم فلم نر هذا اللفظ وإنّما رأينا ما ذكرناه ، وهو قول الصادق عليهالسلام : « إذا كان الماء .. الخبر. ولعلّه غلط من غلط في هذه المسألة لتوهمه أنّ معنى اللفظين واحد. انتهى.
على أنّها على فرض صحّتها قد يناقش في دلالتها ؛ نظرا إلى ظهور قوله عليهالسلام « لم يحمل »
__________________
(١) المعتبر ١ / ٥٣.
(٢) المعتبر ١ / ٥٣.