مشروحا ، مع أنّها ظاهرة فيما يحتمل الهلاكة في فعله فقط ، وهي هاهنا محتملة في كلّ من الفعل والترك.
ومنها : الاستقراء في الشرعيّات المتضمّن لغلبة تغليب الشارع جانب الحرمة ، كترك غير ذات العادة العبادة بمجرّد رؤية الدم ، وترك العبادة في أيّام الاستظهار ، وترك الإنائين المشتبهين وما أشبه ذلك.
وقد يجاب عنه : بمعارضة أصل البراءة ، وفيه ما لا يخفى ، لأنّ ظنّ الغلبة إمّا أن يكون حجّة فلا يعارضه الأصل ، أو لا فلا يعارض الأصل.
والتحقيق : منع الغلبة ، بل منع تحقّق مورد من الشبهة الحكميّة الدائرة بين الوجوب والتحريم رجّح فيها الشارع جانب الحرمة على أن يكون ذلك هو الأصل فيها ، وبناء ترجيح الترك في الأمثلة المذكورة مع عدم غلبة فيها ليس على ذلك ، مع منع الحكم في بعضها فإنّ الأقرب في المبتدئة وفي حكمها ذات العادة العدديّة فقط أنّها في تحيّضها بمجرّد رؤية الدم تراعي صفات الحيض ومع عدم وجودها لا تتحيّض إلاّ بعد مضيّ ثلاثة أيّام.
ولو سلّم فبناء ترجيح الترك ـ كما في ذات العادة أيضا ـ لعلّه على أصل موضوعي يرتفع معه الشبهة ، وهو أصالة الحيض في دماء النساء وقاعدة الإمكان ، مع أنّ الشبهة هنا وفي أيّام الاستظهار موضوعيّة لا حكميّة ، ولعلّ قاعدة ترجيح جانب الحرمة فيها مسلّمة ، فتأمّل مع إمكان كونه في أيّام الاستظهار لأصالة بقاء الحيض واستصحاب حرمة العبادة.
وبناء الحكم في الإنائين المشتبهين على قاعدة حجّيّة العلم الإجمالي مع كون الشبهة فيها أيضا موضوعيّة دون ما نحن فيه ، مع العلم بوجود الحرام فيه ، دون ما نحن فيه مع إمكان الاحتياط فيه دون ما نحن فيه ، مع عدم دوران الأمر هنا بين الوجوب والتحريم لأنّ الوضوء مشروط بطهارة الماء واشتباه الطاهر بالنجس توجب تعذّر إحراز الشرط وهو يوجب تعذّر إحراز المشروط فيسقط فرض المائيّة ، فلا يحتمل في استعمال الماء وهنا وجوب ليكون الأمر بالإهراق من باب تغليب الحرمة على الوجوب كما هو واضح.
ومنها : كون دفع المفسدة في بناء العقلاء أولى وأهمّ من جلب المنفعة ، مضافا إلى قضاء القوّة العاقلة بوجوب دفع المضرّة ، وإلى أنّ إفضاء الحرمة إلى مقصودها أتمّ من إفضاء الوجوب إلى مقصوده ، لأنّ المقصود من الحرمة يتأتّى بالترك سواء كان مع قصد أم غفلة