صحّة الأجزاء السابقة.
ويزيّفه : ما مرّ مرارا من أنّ استصحاب الصحّة من أصله فاسد الوضع ، وعلى فرض صحّته لا ينتج الصحّة الفعليّة المسقطة للتدارك.
وقد يتمسّك أيضا بقوله تعالى : ( لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ )(١) بتقريب : أنّ حرمة الإبطال إيجاب للمضيّ فيها وهو مستلزم لصحّتها ولو بالإجماع المركّب وعدم القول بالفصل في غير الصوم والحجّ الفاسدين المأمور بوجوب المضيّ فيهما مع عدم صحّتهما ، مضافا إلى استصحاب حرمة القطع المتيقّن ثبوته قبل تخلّل زيادة الجزء ، واستصحاب وجوب إتمام العمل كذلك. ولا خفاء في ضعف الجميع.
أمّا الأوّل فلأنّ الإبطال المسند إلى المكلّف المنهيّ عنه في الآية يتحقّق في صور :
الاولى : أن يبطل العمل بإعدام شرط موجود في الأثناء كالاستقبال في الصلاة إذا استدبر في الأثناء.
الثانية : أن يبطله بإيجاد مانع كما لو أحدث في أثناء الصلاة.
الثالثة : أن يبطله بالقطع الّذي هو رفع اليد عنه ، ولا إشكال في حرمة الجميع لعموم الآية.
وقد يتحقّق البطلان بأمر خارج عن اختيار المكلّف ، كنسيان الجزء على ما تقدّم في المسألة السابقة ، وهذا ممّا لا يصدق معه الإبطال الظاهر في الفعل الاختياري فلا يتناوله النهي.
وقد يتحقّق فيه ما يشكّ في كونه مبطلا وعدمه ، كما نحن فيه من تعمّد زيادة الجزء ، وهذا ممّا يشكّ معه في صدق الإبطال على [ معنى ] رفع اليد عن الصلاة الواقع فيها هذه الزيادة وعدمه ، لاحتمال البطلان بنفس الزيادة العمديّة وهو يوجب الشكّ في تناول النهي وعدمه ، فلا مقتضي في الآية لصحّة هذه الصلاة.
وأمّا الثاني : فلأنّ القطع إنّما يصدق مع ارتباط الأجزاء اللاحقة بالسابقة وهو موضع شكّ ، ويشكّ معه في صدق القطع ، والاستصحاب مع الشكّ في صدق موضوع المستصحب غير معقول.
وأمّا الثالث : فلأنّ العمل في عنوان وجوب الإتمام عبارة عن المأمور به وكون ما وقع فيه الزيادة مأمورا به غير محرز ، ومعه لا معنى لاستصحاب وجوب الإتمام ، مع أنّ الإتمام ليس له معنى محصّل إلاّ ربط الأجزاء اللاحقة بالسابقة وهو مع الشكّ في الارتباط غير
__________________
(١) محمّد : ٣٣.