مفهوما إلاّ أنّه لا يغايره وجودا بل هو متّحد معه في الوجود الخارجي ، على معنى كون وجودهما واحدا ، فتعذّره يوجب انتفاء ذلك الوجود الواحد ، ولزمه سقوط التكليف لكون متعلّقه ذلك الوجود المنتفي بالفرض ، بخلاف الجزء بالنسبة إلى الكلّ ، فإنّ كلاّ من أجزائه إنّما وقع في طرف العرض من الآخر ، ووجود كلّ يغاير وجود الآخر ، فلا يوجب انتفاؤه انتفاء الكلّ المتحصّل في ضمن باقي الأجزاء.
وهذا كما ترى أردأ الوجوه ، فإنّ انتفاء الجزء المتعذّر وإن كان لا يوجب انتفاء الكلّ المتحصّل في ضمن باقي الأجزاء ، إلاّ أنّه يوجب سقوط التكليف المتعلّق بالكلّ بما هو كلّ ، لأنّه إنّما تعلّق بوجود الكلّ الّذي هو عين وجودات أجزائه الّتي منها وجود هذا الجزء المنتفي ، فانتفاؤه يوجب انتفاء وجود الكلّ بالمعنى المذكور ، وما بقي منه ليس بذلك الوجود.
ودونه في الضعف وجه القول الثاني.
أمّا أوّلا : فلبطلان أصل الاستصحاب ، لانتفاء أحد الأمرين من الشكّ اللاحق إن اريد به استصحاب الأمر بالكلّ بما هو كلّ ، والأمر بالمقيّد بوصف كونه مقيّدا ، واليقين السابق إن اريد به استصحاب الأمر بالمطلق والأمر بما بقي من أجزاء الكلّ.
أو لتبدّل موضوع المستصحب إن اريد به استصحاب الأمر بالمقيّد والكلّ في المطلق وما بقي من الكلّ ، إلاّ أن يدّعى كون المقام ممّا يتسامح فيه أهل العرف بالنسبة إلى بقاء موضوع المستصحب بإجرائهم ما بقي من المأمور به بعد تعذّر الشرط والجزء مجرى الموضوع الأولى ، كما في استصحاب الكرّية في الماء المشكوك بقاء كرّيته بعد القطع بها بسبب أخذ شيء منها تدريجا.
ويندفع به مناقشة بعضهم كالمحقّق الخوانساري فيه بأنّه إن اريد به الكرّية بالنظر إلى ما قبل أخذ شيء منه فلا شكّ للقطع بانتفائه ، وإن اريد به الكرّية بالنظر إلى ما بقي بعد الأخذ فلا قطع ، ولكنّه محلّ منع.
وأمّا ثانيا : فلمنع التمسّك بالإجماع المركّب في تتميم الحكم لما عدا صورة سبق التكليف على طروّ العذر ، لأنّ مرجع التمسّك به إلى التمسّك بالملازمة الشرعيّة بين شطريه الّتي أثبتها الإجماع ، والقدر المسلّم منها هو الملازمة بينهما في الحكم الواقعي ، كما لو ثبت أحد شطريه بدليل اجتهادي من رواية معتبرة ونحوها ، لا الحكم الظاهري كما لو ثبت أحدهما بأصل كالاستصحاب ونحوه كما فيما نحن فيه ، فيجوز اختلافهما في الحكم