وليعلم أنّ ما أسّسناه من الأصل إنّما هو الأصل الأوّلي ، إلاّ أنّه انقلب إلى أصل ثانوي مستفاد من عموم قوله عليهالسلام : « الميسور لا يسقط بالمعسور (١) » و « ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه (٢) » فإنّ ما تعذّر من أجزاء المأمور به معسور وتعذّره أوجب سقوطه وعدم إمكان إدراك كلّه ، وقد دلّت الرواية الاولى على عدم سقوط الميسور منه بسقوط معسوره ، والثانية على أنّه لا يترك جميعه بعدم إدراك جميعه. وضعف سنديهما مجبور بتلقّي الأصحاب لها بالقبول. كما يظهر بتتبّع أبواب المعاملات ودلالتهما على ما نحن فيه من كون الجزء مقيّدا بحال الإمكان واضحة لا ينبغي المناقشة فيها.
وقد يستدلّ عليه أيضا بالنبويّ المعروف : « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم (٣) » وهو عندي غير صحيح ، لما أوضحناه في مباحث الأوامر من كونه بشهادة مورده مسوقا لنفي وجوب التكرار ، فلا تعلّق له بما نحن فيه ، والعمدة فيه ما ذكرناه من الروايتين.
وهل القاعدة المستفادة منهما حاكمة على دليل الأمر بالمأمور به المركّب ومتعرّضة بمضمونها لحاله ، بكشفها عن كون المأمور به بهذا الأمر في لحاظ الآمر وعلى حسب ما في ضميره هو الأمر المشترك بين المركّب التامّ والمركّب الناقص على وجه الترتّب ، بأن يكون مطلوبيّته الناقص معلّقة على تعذّر التامّ بواسطة تعذّر جزئه ، أو أنّها بنفسها مفيدة لحكم جديد غير الأمر الوارد بالمركّب؟ وجهان. ذكرناهما مع مبناهما.
وثمرة الفرق بين الاعتبارين وترجيح ما ترجّح منهما على الآخر في ذيل مسألة تبعيّة القضاء للأداء وعدمها من مباحث الأوامر ، وقد ذكرنا ثمّة أنّ الأقوى هو الحكومة. وممّا يترتّب عليها جريان القاعدة في المندوبات المركّبة إذا تعذّر أحد أجزائها.
وهي بالقياس إلى الأجزاء الخارجيّة من الواجبات والمستحبّات المركّبة واضحة لا إشكال فيها.
وهل هي جارية بالقياس إلى الأجزاء العقليّة في المركّبات العقليّة كالشرط والمشروط والقيد والمقيّد ، الّذي مرجعهما إلى الماهيّة والقيد الوارد عليها إذا تعذّر القيد؟فيه إشكال بل منع ذكرنا وجهه في المسألة المشار إليها.
__________________
(١) عوالي اللآلئ ٤ : ٥٨ ح ٢٠٥.
(٢) نفس المصدر ، ح ٢٠٧.
(٣) نفس المصدر ، ح ٢٠٦.