الأخيرة عن موردها ، كما أنّ كون رفع المؤاخذة كناية عن رفع الإلزام يوجب خروج الصورة الثالثة عن موردها.
والأظهر أنّ مؤدّاها ما ينطبق على الصورة الثانية لا الاولى ، لأنّ قصر الحكم على الامور التسع يدلّ على أنّ المراد رفع الإلزام بالمعنى الراجع إلى ذمّة المكلّف ، فيكون مفاده خلوّ ذمّة المكلّف عن الحكم الإلزامي ، لوضوح أنّ رفعه باعتبار خلوّ أصل الواقعة عن الحكم الإلزامي بأن يكون حكمها المجعول غير الحكم الإلزامي لا يتفاوت فيه الحال بين صورتي الخطأ والعمد ، ولا بين صورتي النسيان والتذكّر ، ولا بين صورتي الجهل والعلم ، ولا بين صورتي الاضطرار والاختيار ، ولا بين صورتي الإكراه وعدمه.
فرفع المؤاخذة عمّا لا يعلمون كناية عن رفع الحكم الإلزامي عن ذمّة المكلّف لجهله به موضوعا أو حكما.
ولكن يشكل ذلك بالنسبة إلى الثلاثة الأخيرة وهي الطيرة والحسد والوسوسة ، فإنّ الظاهر أنّ الواقعة بالنسبة إلى هذه الثلاث ما لم يرتّب عليها الآثار الخارجيّة خالية عن الحكم الإلزامي وهو الحرمة بالمرّة ، إلاّ أن يدفع بجعل رفع الإلزام أعمّ منه باعتبار خلوّ الواقعة عن الحكم الإلزامي ومنه باعتبار خلوّ ذمّة المكلّف عن الحكم الإلزامي.
أمّا الأوّل ففي هذه الثلاث ؛ وأمّا الثاني ففي ما عداها.
أو يلتزم باشتمال الواقعة فيها على الحرمة لكن الذمّة لا تشتغل بها إلاّ عند ترتيب الآثار عليها ، فتأمّل.
والأوّل أظهر ، فلا إشكال حينئذ في كون الرواية من أدلّة أصل البراءة بالنسبة إلى ما لا يعلم.
لكنّ المعضل أنّها هل تفيده في الشبهات الحكميّة فقط ، أو في الشبهات الموضوعيّة ، كذلك أو فيهما معا؟
فعلى الأوّل والثالث يتّجه التمسّك بها فيما نحن فيه الّذي هو من قبيل الشبهات الحكميّة بخلافه على الثاني.
وتحقيق ذلك مبنيّ على النظر في كون الموصول في « ما لا يعلمون » كناية عن الحكم المجهول ، أو عن الموضوع المجهول ، أو عن الموضوع المجهول حكمه ، أو عمّا يعمّ الحكم والموضوع المجهولين ، والأظهر بقرينة السابق واللاحق كونه كناية عن الموضوع لا عن الحكم ، مع كون الجهالة في نفس ذلك الموضوع كما لو شرب الخمر لجهالة كونه خمرا.