الوطء حراما ، لا أن يكون حلالا ، ومرجعه إلى أنّه لا حرج في فعله فلا يعاقب عليه.
والسرّ في ذلك : أنّ الأحكام الشرعيّة ـ على ما حقّق في محلّه ـ وإن اختلفت بالوجوه والاعتبارات ، إلاّ أنّ علم المكلّف وجهله واعتقاده ليس من الوجوه والاعتبارات ، بأن يكون الاعتقاد مناطا لجعل الحكم على طبق المعتقد ليتبدّل الأحكام بتبدّل الاعتقادات ، فلا مدخليّة لاعتقاد المكلّف في الأحكام الشرعيّة جعلا وحدوثا ، ولا سيّما الأحكام الوضعيّة ككون شيء سببا أو شرطا أو مانعا ، بأن يكون ما اعتقد المكلّف سببيّته من باب الاعتقاد بخلاف الواقع سببا ، ولا يكون ما اعتقد عدم سببيّته كذلك سببا. بل سببيّة كلّ سبب لمسبّبه سواء كان من العقود أو الإيقاعات أو غيرهما من الأسباب الشرعيّة إنّما يثبت بحكم الشارع بالسببيّة ، سواء كان حكمه بها من باب الكشف عن الواقع فيما كانت الملازمة بين السبب ومسبّبه واقعيّة فكشف عنها الشارع في حكمه بالسببيّة ، أو من باب الإمضاء لطريقة العرف فيما كانت الملازمة عرفيّة فأمضاها الشارع ببيانه السببيّة ، أو من باب الجعل فيما لم يكن بينهما ملازمة ولا علقة سببيّة لا في الواقع ولا في نظر العرف ، بل الشارع جعل أحدهما سببا للآخر وعلّق وجود الآخر على وجود الأوّل ، فإنّ الأسباب الشرعيّة من العقود والإيقاعات وغيرها لا تخلو عن هذه الأقسام ، وإن كان إثبات وجود الجميع فيما بينها أو وجود بعضها دون بعض واستعلام أنّ أيّها من أيّ الأقسام على تقدير وجود الجميع في غاية الإشكال ، بل لم يحم حوله إلى الآن أحد ، إلاّ أنّا نتكلّم على فرض وجود الجميع.
فنقول : إنّ السبب بالقياس إلى الأثر المترتّب عليه إن كان من قبيل القسم الأوّل فترتّب الأثر عليه وعدمه يدور مدار تحقّق السبب على حسب ما هو في الواقع بشرائطه الواقعيّة وعدم تحقّقه كذلك ، وإن كان من قبيل القسم الثاني فترتّب الأثر عليه وجودا وعدما يدور مدار تحقّق السبب على حسب ما هو عند العرف بشرائطه وعدم تحقّقه ، وإن كان من قبيل المقام الثالث فترتّب الأثر عليه وجودا وعدما يدور مدار تحقّق السبب على حسب ما جعله الشارع بشرائطه الشرعيّة وعدم تحقّقه ، فإن تحقّق [ السبب ](١) في جميع هذه الأقسام على الوجه المذكور ترتّب عليه الأثر لا محالة في متن الواقع ، سواء اعتقد المكلّف العامل له سببيّته أو لم يعتقد ، وسواء كان مجتهدا أو مقلّدا له أو غيرهما ، وإن لم يتحقّق كذلك لم يترتّب عليه الأثر في الواقع سواء اعتقد المكلّف ترتّبه أو لم يعتقد ، مجتهدا كان أو مقلّدا أو غيرهما.
__________________
(١) أضفناها لاستقامة العبارة.