طاهرا بالنسبة إلى كلّ من يرى ذلك ، والمذبوح يصير حلالا بالنسبة إلى كلّ من يرى ذلك ، ولا يشترط كونه مقلّدا حين الغسل والذبح ، وأمّا ما يختصّ أثره بمعيّن أو معيّنين كالعقود والايقاعات وأسباب اشتغال الذمّة فلا يترتّب عليه الأثر ، إذ آثار هذه الامور لا بدّ أن تتعلّق بالمعيّن ، إذ لا معنى لسببيّة عقد صادر عن رجل خاصّ على امرأة خاصّة لحلّيتها على كلّ من يرى جواز هذا العقد ومقلّديه ، وهذا الشخص حال العقد لم يكن مقلّدا فلم يترتّب عليه الأثر في حقّه ، وأمّا بعد التقليد فهو وإن دخل في مقلّديه لكن لا يفيد لترتّب الأثر في حقّه ، لأنّ المظنون للمجتهد سببيّة هذا العقد متّصلا بصدوره للأثر ولم يصر هذا سببا كذلك.
وأمّا السببيّة المنفصلة فلا دليل عليها ، إذ ليس هو مظنون المجتهد ولا دليل على كون الدخول في التقليد كإجازة المالك والأصل في المعاملات الفساد ، مع أنّ عدم ترتّب الأثر كان ثابتا قبل التقليد فيستصحب » انتهى ملخّصا (١).
ومحصّل التفصيل المستفاد من كلامه قدسّ سرّه عدم إناطة الصحّة والفساد في القسم الأوّل والثالث بمجرّد مطابقة الواقع ومخالفته.
أمّا في الأوّل فبحكم المقدّمة الاولى.
وأمّا الثاني فبحكم المقدّمة الثانية ، فدفعه إنّما هو بمنع المقدّمتين لفساد وضعيهما.
أمّا فساد وضع المقدّمة الاولى : فلأنّ قوله : « لا تكليف بما فوق العلم والاعتقاد » مسلّم ، لرجوعه إلى تكليف الغافل وهو قبيح عقلا لكونه من التكليف الغير المقدور على امتثاله ، ولكنّ اللازم منه أن لا يخاطب المكلّف ما دام معتقدا بما يخالف الواقع بخلاف معتقده ، لا أن يخاطب على طبق معتقده ، فمن اعتقد خلّية الخمر الواقعي بحيث لم يحتمل الخلاف فقضيّة أن لا تكليف بما فوق الاعتقاد أن لا يخاطب بالاجتناب ، لا أنّه يخاطب بالارتكاب ويرخّص فيه.
وبعبارة اخرى : أنّه لا حرمة في حقّه لا أنّه يحدث باعتقاده الحلّية بالمعنى الانشائي بأن يكون حكمه الشرعي المجعول من حيث كونه معتقدا بالخلّية هو الحلّية ، بل غاية ارتفاع الحرمة في حقّه أن لا يكون حرج عليه في ارتكابه ، فلا يؤاخذ ولا يعاقب عليه بسبب ارتكابه الخمر الواقعي ، وكذا الحكم فيمن اعتقد زوجيّة أجنبيّة على وجه لم يحتمل الخلاف فوطئها ، فإنّ غاية ما يقتضيه قاعدة أن لا تكليف بما فوق الاعتقاد أن لا يكون هذا
__________________
(١) مناهج الأحكام : ٣١٠.