الملحوظة في سلوك الطريق المتدارك بها ما فات من مصلحة الواقع على تقدير عدم مصادفة الطريق للواقع ، مع أنّ دليل صحّة عبادات الجاهل في صورة المطابقة يقضي بكفاية العمل بالاحتياط بطريق أولى ، لوجود مناط الحكم المذكور وهو مطابقة الواقع هنا على وجه آكد ، لأنّ المحتاط حال سلوكه طريق الاحتياط قاطع بكونه موصلا إلى الواقع بخلاف الجاهل الشاكّ في طريقه المسلوك وإن غفل عن شكّه.
وأمّا الثاني : فلأنّ المانع إن كان هو الأصل ـ أعني أصالة التعيين ـ عند دوران الأمر بينه وبين التخيير.
ففيه أوّلا : منع كون المقام من دوران الأمر بين التعيين والتخيير ، بناء على أنّ مرجع كفاية الاحتياط إلى كونه مسقطا عن الطريق المجعول لا إلى كونه طريقا مجعولا ، ليكون بالإضافة إلى كلّ من طريقي الاجتهاد والتقليد أحد فردي الواجب التخييري.
وثانيا : منع جريان الأصل المذكور هنا لعدم جريان مدركه الّذي هو أصالة الاشتغال ، إذ بعد ملاحظة كون هذا الطريق محصّلا لمصلحة الواقع المقصودة من جعل الطريقين لا يبقى في سلوكه شكّ في البراءة.
وإن كان لزوم معرفة الوجه وقصد الوجه معا أو قصد الوجه فقط ، بناء على أنّ معرفة الوجه إنّما يعتبر مقدّمة لقصد الوجه لا لنفسه.
ففيه ـ مع أنّهما حاصلان في بعض الصور المذكورة ، وإنّ قصد الوجه عند معتبريه من شروط الامتثال لا من قيود المأمور به ونحن نقطع بعدم توقّف صدق الامتثال عليه إلاّ حيث يتوقّف عليه قصد التعيين في العبادة المشتركة ـ : منع اعتبار معرفة الوجه ولا قصده في صحّة العبادات كما حقّق في محلّه.
وإن كان هو إطلاق الإجماعات المنقولة المعتضد بإطلاق فتوى الأكثر ، والحصر المستفاد من قولهم : « الناس صنفان مجتهد ومقلّد » حسبما تقدّم إليه الإشارة.
ففيه : منع الإطلاق لظهور الجاهل في معاقد الإجماع وفتوى الأكثر في المتسامح في الدين التارك للطريقين تسامحا ، أو جاهل لم يطابق عمله الواقع ، أو لم يحرز في عمله القربة من جهة التردّد الحاصل له في كون ما يأتي به مكلّفا به وعدمه فلا يشمل المحتاط ، بل لا يبعد دعوى ظهور « الجاهل » في لسان الفقهاء فيمن خالف عمله الواقع لجهله ، كما يرشد إليه تصريحهم بالفرق بين جاهل الموضوع وجاهل الحكم في الصلاة في النجاسة أو