نعم يشكل الحال في أنّه إذا كان الغرض من استصحاب الامور الخارجيّة ترتيب الآثار الشرعيّة على المستصحب فيها فلم لا يستصحب نفس تلك الآثار ليستغنى به عن استصحاب الموضوعات ، فإنّ استصحاب حرمة تزويج امرأة الغائب وحرمة التصرّف في أمواله الثابتتين في حال حياته يغني عن استصحاب الحياة ، واستصحاب جواز الائتمام بزيد وقبول شهادته الثابتين له في حال اليقين بعدالته يغني عن استصحاب العدالة. بل استصحاب الموضوعات لأجل ترتيب الأحكام عليها دون استصحاب نفس الأحكام المترتّبة عليها ربّما يشبه بكونه من باب الأكل من القفاء ، كما هو واضح.
إلاّ أن يقال : إنّ استصحاب الموضوعات إنّما يجدي في ترتيب كلّ من الآثار القديمة المتيقّنة سابقا والآثار المتجدّدة الغير المتيقّنة سابقا ، فلا يستغنى عنه بالنسبة إلى الآثار المتجدّدة الّتي لا يعقل استصحابها من جهة تجدّدها وعدم كونها متيقّنة في زمان اليقين بموضوعاتها بل ربّما كان عدمها متيقّنا ، كنجاسة الثوب بالملاقاة المترتّبة على استصحاب رطوبته ، وانتقال المال إلى الغائب من قريبه المتوفّى في زمان الشكّ في حياته ، واستحقاق زيد للوقف أو التولية أو الوصيّة المعلّقة على عدالة الطبقات من الأولاد وغيرهم طبقة بعد طبقة عند انقراض الطبقة السابقة في زمان الشكّ في عدالة زيد الّذي هو من الطبقة اللاحقة ، ونحوه وجوب الفطر عن العبد أو الابن الغائبين المترتّب على حياتهما على المولى والأب المنفقين لهما ، فلو لا استصحاب الموضوعات استحال ترتيب نحو هذه الآثار المتجدّدة والأحكام الغير الثابتة للموضوع في زمان اليقين بوجوده.
ولكن يزيّفه : أنّ عدم ثبوت هذه الأحكام المتجدّدة لموضوعاتها في زمان اليقين بوجودات تلك الموضوعات تنجيزا لا ينافي ثبوتها لها على وجه التعليق ، بل القطع حاصل بانتقال مال قريب الغائب إليه على تقدير اتّفاق وفاته في زمان اليقين بحياته ، ونجاسة الثوب على تقدير حصول ملاقاته للنجس في زمان اليقين برطوبته ، وبانتقال الوقف أو التولية أو الوصيّة إلى زيد على تقدير حصول انقراض الطبقة السابقة في زمان اليقين بعدالته ، وبوجوب زكاة العبد والابن على السيّد والأب على تقدير دخول العيد في زمان اليقين بحياتهما.
وبالجملة عدم وجود الآثار المتجدّدة في زمان اليقين بالموضوع إنّما هو لوجود مانع أو فقد شرط ، بحيث لو كان المانع ثمّة مفقودا أو الشرط موجودا لكانت الآثار مترتّبة عليه