متعلّق اليقين والشكّ ويتعدّد موضوع القضيّتين فهو حقّ ولا سترة عليه ، كما في مسألة البقاء على تقليد الميّت فيمن قلّد المجتهد الحيّ حال حياته فمات ، نظرا إلى كون الحياة في الجملة شرطا في جواز التقليد ـ بناء على عدم جواز تقليد الميّت ابتداء ـ الثابت بالإجماع ولو منقولا ، كما أنّ غيره من البلوغ والعقل والإسلام والإيمان والاجتهاد والعدالة شروط له ، فيكون كلّ قيدا وجزءا للموضوع ، فالحكم في زمان ثبوته إنّما يثبت لهذا الموضوع ـ أعني الرجل البالغ العاقل المسلم المؤمن المجتهد العادل الحيّ ـ فإذا زال أحد هذه القيود استحال استصحاب الحكم الثابت حال وجوده لتبدّل الموضوع ، ونفي القيديّة الّذي هو انكار لكون الوصف جزءا من الموضوع عدول عن فرض كونه شرطا ، والكلام إنّما هو على هذا التقدير وإلاّ فعلى تقدير عدم شرطيّة الحياة مثلا مطلقا حتّى بالنسبة إلى ابتداء التقليد أو مع الشكّ في شرطيّتها كذلك فلا كلام.
وبالجملة اختلاف متعلّقي اليقين والشكّ وتعدّد موضوعي القضيّتين في بعض الموارد ليس بمنكر ، إلاّ أنّه لا يوجب السلب الكلّي ـ أعني نفي اعتبار الاستصحاب في الأحكام الشرعيّة مطلقا ـ.
وإن أراد اختلاف المتعلّقين وتعدّد الموضوعين في جميع الموارد فهو واضح الضعف. وظاهر المنع ، لكثرة ما اتّحد فيه المتعلّق والموضوع من موارد الأحكام الشرعيّة ، حتّى أنّ جميع صور الشكّ باعتبار الرافع وجودا أو وصفا من هذا الباب ، لعدم تبدّل حالة فيها إلى اخرى ، كالمتطهّر الشاكّ في بقاء طهارته للشكّ في وقوع الحدث أو في رافعيّة المذي ، فإنّ عدم الرافع بالقياس إلى الحكم ـ كالطهارة مثلا ـ ليس قيدا لوجوده الأوّلي بل هو قيد لوجوده الثانوي ، فهو شرط لبقائه واستمراره لا لحدوثه وإلاّ انقلب الرافع دافعا.
والفرق بينهما أنّ الرافع يمنع البقاء والدافع يمنع الحدوث ، ومن ذلك ما يقال : من أنّ الدفع أهون من الرفع ، فإذا لم يكن عدم الرافع قيدا للحكم في الزمان الأوّل لم يكن جزءا لموضوعه.
وقضيّة ذلك أن يتّحد متعلّق اليقين والشكّ ، على معنى كونه شيئا واحدا ذاتا ووصفا وإن اختلفا في تعلّق اليقين بحدوث ذلك الشيء وثبوته وتعلّق الشكّ ببقائه ، ولئن سلّمنا كون الشبهة فيما يشكّ فيه من جهة الشكّ في وجود الرافع موضوعيّة فهي فيما يشكّ فيه من جهة الشكّ في رافعيّة الموجود حكميّة جزما.