اليقين ببقائه ، فوجب ترتيبها إلى أن يحصل اليقين بارتفاعه.
ويرشد إليه أيضا ظاهر قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : « فإنّه على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين أبدا بالشكّ ، ولكن ينقضه بيقين آخر (١) » وهذا كما ترى لا ينطبق إلاّ على الاستصحاب.
نعم قوله عليهالسلام : « من كان على يقين فشكّ فليمض على يقينه (٢) » في بعض هذه الأخبار.
وكذلك قوله : « من كان على يقين فأصابه شكّ فليمض على يقينه (٣) » في البعض الآخر ، ربّما يوهم ظهوره في الشكّ الساري بملاحظة المضيّ في لفظ « كان » ولكنّه أيضا مدفوع بظهور « فليمض على يقينه » في الشكّ في البقاء لأنّ المضيّ على اليقين معناه البناء على بقاء المتيقّن ، فليتأمّل.
وهل هنا مدرك آخر يؤخذ منه هذه القاعدة الّتي موضوعها ما إذا اعتقد المكلّف قصورا أو تقصيرا في زمان بشيء موضوعا كان كعدالة زيد وطهارة نفسه ، أو حكما اجتهاديّا كما لو اعتقد المجتهد في وقت طهارة الغسالة أو العصير العنبي بعد الغليان ، أو تقليديّا كما لو اعتقد المقلّد كون فتوى مجتهده في الواقعة ذلك ثمّ زال ذلك الاعتقاد بطروّ الشكّ في ثبوت المعتقد ثمّة وعدمه ، ومرجعه إلى الشكّ في مطابقة اعتقاده الواقع وعدمها ، أو لا مدرك لنحو هذه القاعدة في الأدلّة الشرعيّة أصلا فلا تكون ثابتة؟
فنقول : إن قصد من القاعدة إثبات حدوث ما تيقّنه في السابق ثمّ بقائه مستمرّا إلى اليقين بارتفاعه ، ليترتّب عليه الآثار والأحكام المعلّقة على وجوده ، ولازمه الحكم بإجزاء الأعمال الماضية الواقعة على طبق وجوده وتطبيق غيرها من الأفعال المستقبلة عليه ، فلا مدرك لها من عقل ولا نقل حتّى الاستصحاب ، لما عرفت من تغاير موضوعيهما فلا يمكن إثباتها به ، وكذلك إن قصد منها إثبات حدوثه في الزمان السابق فقط من دون إثباته في الأزمنة المتأخّرة ليترتّب عليه مضيّ الأعمال السابقة الواقعة على طبقه فقط.
نعم إن قصد منها مجرّد مضيّ الآثار الشرعيّة المترتّبة عليه في الزمان السابق وصحّة الأعمال الماضية المتفرّعة عليه ، فقد يقال : بثبوتها من أدلّة عدم اعتبار الشكّ بعد الفراغ وبعد تجاوز المحلّ مثل قوله عليهالسلام في صحيحة ابن أبى يعفور : « إذا شككت في شيء من
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٤ ـ ١٧٥ الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ١.
(٢) الوسائل ١ : ١٧٥ الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ٦.
(٣) إرشاد المفيد : ١٥٩ ، المستدرك : ٢٢٨ الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ٤.