في حقّه القضيّة الاولى دون الثانية.
إلاّ أن يقال : ليس المراد بالانقياد هنا مجرّد عقد القلب لإطاعة المولى ، فإنّه عنوان آخر متضمّن للحسن الذاتي المدلول عليه بالعقل والنقل ، ومرجعه في حاصل المعنى إلى نيّة الخير وقصد الحسنة ، بل المراد به تعريض النفس في ظرف الخارج لإطاعة المولى ، وهذا أيضا حسن لذاته باستقلال من العقل ، غير أنّه لا يدخل في ظرف الخارج إلاّ في ضمن فعل خاصّ ، فإن صادف ذلك واجبا أو مندوبا واقعيّا اجتمع فيه حسنان أحدهما ما يستند إلى ذات الفعل ، والآخر ما يستند إلى هذا العنوان العامّ المجامع له. وإن صادف ما احتمل كونه واجبا أو مندوبا مع عدم كونه كذلك في الواقع حصل فيه الحسن العرضي باعتبار العنوان العامّ المجامع له.
ويدفعه : أنّ الإطاعة مفهوم منتزع عن متعلّق الأمر والنهي باعتبار ما يلحقه من الموافقة ، كما أنّ المعصية عبارة عن مفهوم منتزع عن متعلّقهما باعتبار ما يلحقه من المخالفة ، وتعريض النفس للإطاعة ليس له معنى محصّل إلاّ حمل الجوارح على فعل خاصّ لداعي الإطاعة ، وحسنه إنّما يكون باعتبار صدق عنوان الإطاعة عليه ، وهي تابعة للأمر أو النهي ، وإلاّ فلا موافقة للأمر والنهي ولا مخالفة لهما ، فلا إطاعة ولا معصية ، فتعريض النفس للإطاعة ما لم يكن أمر هنالك لا يتّصف بحسن إلاّ باعتبار المعنى النفساني وهو حسن في الفاعل ، ولا يؤثّر في حسن الفعل الّذي يحصل في ضمنه لداعي الأمر الاحتمالي إيجابا أو ندبا.
نعم يمكن أن يقال : إنّا نقطع بملاحظة بناء العرف وطريقة العقلاء وشهادة الوجدان أنّ الآتي بما احتمل كونه مطلوبا للمولى بداعي احتمال المطلوبيّة مستحقّ للمدح بل الصلة أيضا لمجرّد إتيانه به على الوجه المذكور ، وذلك يكشف عن حسن الاتيان على الوجه المذكور ، فيكشف عن محبوبيّته للمولى ، وإن لم يكن الاتيان به من حيث هو ولا على الوجه المذكور محبوبا له ، فحسن ذلك الفعل الكاشف عن المحبوبيّة ممّا لا ينبغي التأمّل ، سواء سمّي الوجه فيه احتياطا أو انقيادا أو غيرهما.
وبالجملة فالإتيان بما احتمل المطلوبيّة بداعي احتمال المطلوبيّة ممّا استقلّ العقل بإدراك حسنه ورجحانه الغير البالغ حدّ المنع من النقيض ، فيكشف عن المحبوبيّة في نظر المولى ، ولا سيّما الشارع الّذي يكثر في أوامره ما يقصد به مجرّد تكميل النفس والتقرّب