المستحال إليه لزوالها بزوال اسم الكلب والنطفة والعذرة ، وهو العنوان الّذي علّق عليه حكم النجاسة في الخطاب بشهادة فهم العرف من قوله : « الكلب نجس » و « اجتنب عن النطفة » و « اغسل ثوبك عن العذرة » مثلا ، حيث يفهم من العنوان بحسب العرف كون موضوع النجاسة هو الذات المتصفة بالكلبيّة الّتي هي مسمّى لفظ « الكلب » باعتبار وضعه العرفي أو اللغوي وهكذا في النطفة والعذرة ، فإذا زال الوصف الّذي هو جزء الموضوع انتفى موضوع النجاسة ولزم منه زوال النجاسة ، لاستحالة بقاء الحكم بعد انتفاء موضوعه ، فيرجع بالنسبة إلى الباقي وهو المستحال إليه إلى ما يقتضي طهارته من دليل خاصّ ، أو أصل عامّ وهو أصالة الطهارة في الأشياء إن لم يوجد دليل خاصّ ، وعليه مبنى قاعدتهم المشهورة المعبّر عنها ب « أنّ الأحكام تدور مدار الأسماء » ومعناه : أنّها تدور مدار موضوعاتها الّتي هي مسمّيات الألفاظ الموضوعة بازائها ، فإذا تبدّل مسمّى لفظ بمسمّى لفظ آخر تبدّل حكمه أيضا ، سواء كان تبدّل المسمّى باعتبار زوال صورته النوعيّة كما في الكلب والملح ، أو زوال حال من أحواله المأخوذة في الوضع كما في الخمر إذا انقلب خلاّ.
ولا ينتقض ذلك بالحنطة النجسة إذا صارت طحينا ، والطحين عجينا ، والعجين خبزا ، ولا بالعنب النجس إذا صار مويزا ، والمويز عصيرا والعصير دبسا ، بتقريب : أنّ الاسم يتبدّل في كلّ مرتبة بآخر ولا يزول الحكم وهو النجاسة في شيء من المراتب ، لأنّ المراد من الأحكام الدائرة مدار الأسماء الأحكام الأصليّة المعلّقة في الخطاب على عناوينها الخاصّة ، كالكلب والخنزير والنطفة والعذرة وغيرها بالنسبة إلى النجاسة ، وليست الحنطة ولا العنب عنوانا للنجاسة في خطاب ، ولا النجاسة العارضة لهما بالملاقاة حكما أصليّا ورد في الخطاب معلّقا على اسمي الحنطة والعنب.
نعم قد استفيد من الأدّلة كالإجماع والأخبار الجزئيّة الواردة في موارد مخصوصة قاعدة كلّية لموضوع عامّ يكون الحنطة والعنب من جزئيّاتها ، وهي تنجّس كلّ ملاق للنجاسة ، على معنى قبوله النجاسة لعارض الملاقاة ، وهذا المعنى لا يزول بالطحن ولا بالعجن ولا بالخبز ، وإن استلزم ذلك اختلاط أجزاء محلّ الملاقاة بغيرها ، وهذا إن لم يؤكّد بقاء النجاسة على حالها لا يزيلها قطعا ، فليس في نحو المثالين إلاّ تبدّل التسمية ، وهذا ليس من تبدّل العنوان المعلّق عليه الحكم في الخطاب.
وإن شئت قلت : انّ العنوان المعلّق عليه النجاسة فيهما إنّما هو الجسم من حيث