كتغيّره ، أو من جهة تبدّل زمان حدوث الحكم بزمان آخر فيما يحتمل كونه من مشخّصات الموضوع كزمان الفور في الخيار ، وكلّ ذلك لبناء العقلاء على ما يرشد إليه الاستقرار.
وممّا يكشف عن بقاء الموضوع فيما يرجع لإحرازه إلى الامور الخارجيّة أن يصدق عرفا قضيّة قولنا : « هذا كان كذا سابقا » كما يقال في الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره : « إنّ هذا الماء كان نجسا سابقا » وفي الكرّ المشكوك بقاء كريّته : « أنّ هذا الماء كان كرّا » وفي جزء المركّب عند تعذّر جزئه الآخر : « أنّ هذا كان واجبا سابقا » فصدقها في العرف يكشف عن وحدة القضيّة المشكوكة والمتيقّنة موضوعا ومحمولا ، وهذا هو معنى بقاء الموضوع المحرز بالصدق العرفي ، وإن ظهر بالتدقيق الفلسفي والإغماض عن العرف تغايرهما موضوعا أو محمولا المخلّ ببقاء الموضوع القادح في صحّة الاستصحاب معه ، وهذا هو معنى المسامحة العرفيّة على ما اشتهر من بناء الاستصحاب في كثير من موارده عليها ، ومنه استصحاب نجاسة الكلب بعد موته لصدق قولنا : « هذا كان نجسا في السابق » عرفا ، مع أنّه لو بنينا على الدقّة استحال استصحاب نجاسته ، لأنّ موضوع النجاسة حال الحياة إنّما هو الكلب وهذا جماد لا كلب.
نعم لو لم يصدق هذه القضيّة بحسب العرف أيضا كما في الكلب إذا صار في المملحة ملحا ، والعذرة إذا صارت ترابا أو دودا أو رمادا أو فحما ، فلا يقال : « هذا كان نجسا » كشف عن عدم بقاء الموضوع فلا يصحّ معه الاستصحاب.
وممّا يستعلم منه الموضوع فيما يرجع لإحرازه إلى الأدلّة الشرعيّة كون الوصف أو ما يجري مجراه بحيث اخذ عنوانا في دليل الحكم إذا كان من الأدلّة اللفظيّة كأن يقال : « الماء المتغيّر بالنجاسة نجس » بخلاف ما لو قيل : « الماء إذا تغيّر نجس » فيظهر في الأوّل أنّ موضوع النجاسة هو الماء المتلبّس بالتغيّر فيقدح زواله حينئذ في جريان الاستصحاب ، وفي نحو الثاني يظهر أنّ موضوعها الماء فلا يقدح زواله في جريانه وإن احتمل عند العقل دخله في الموضوع.
وعلى هذه الطريقة مبنى الاستحالة المطهّرة للأعيان النجسة على ما عليه المعظم من أصحابنا الّتي هي عبارة عن تبدّل موضوع النجاسة وهو المستحيل بموضوع آخر وهو المستحال إليه ، كالكلب في المملحة إذا صار ملحا ، والنطفة في الرحم إذا صارت حيوانا ، والعذرة في النار إذا صارت رمادا إلى غير ذلك من أمثلة هذه المسألة ، فلا يحكم بنجاسة