« طهّرته ونجّسته » عملا بإطلاق فتوى الأصحاب بحجّية قول ذي اليد.
وفي كون اعتباره من حيث الأمارة الكاشفة عن الواقع بطريق الظنّ ، أو من حيث الأصل التعبّدي المبنيّ على مطلق احتمال المطابقة ولو مرجوحا ، وجهان من أنّ الإخبار من حيث الدلالة حكاية عن الواقع ، ومن أنّه من حيث السند يحتمل المطابقة واللامطابقة على وجه تساوي الاحتمالين ، أو مع رجحان الأوّل ومرجوحيّة الثاني ، أو بالعكس بناء على عدم اشتراط عدالة المخبر كما هو المصرّح به في كلامهم ويساعد عليه إطلاق روايات الباب ، ولا سيّما صحيحة الحلبي قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الخفاف عندنا في السوق نشتريها فما ترى في الصلاة فيها؟ فقال : صلّ فيها حتّى يقال لك : انّها ميتة بعينه (١) فإنّ قوله : « حتّى يقال » مطلق في العادل والفاسق ومجهول الحال ، نعم إطلاقه في الكافر أيضا ممّا لا عامل به ظاهرا.
والأظهر هو الثاني عملا بالإطلاق فتوى ونصّا.
ويظهر فائدة الفرق بين الوجهين فيما لو تحقّق الإخبار بعد الاستعمال ، فعلى الكشف يفيد نجاسة الملاقي والمستعمل بخلافه على التعبّد ، فتكون النجاسة مقصورة على ما في اليد فيجتنب عنه في الاستعمالات اللاحقة ، ولا حكم له بالنسبة إلى الاستعمالات السابقة.
وعليه ينزّل ما عن جماعة أنّهم قيّدوا قبول إخبار الواحد بنجاسة إنائه بما إذا وقع الإخبار قبل الاستعمال ، فلو كان الإخبار بعده لم يقبل بالنظر إلى نجاسة المستعمل له كالمطبوخ ومواضع الوضوء واليدين والثياب ، غير أنّهم علّلوه بأنّه في الحقيقة إخبار بنجاسة الغير فلا يكفي فيه الواحد وإن كان عدلا.
ولا خفاء في ضعفه ، لأنّ اعتبار قول ذي اليد إن كان من حيث الطريقيّة لكشفه الظنّي عن الواقع فالظنّ بنجاسة الاناء حين تحقّق الإخبار يستلزم الظنّ بنجاسة المستعمل له ممّا لاقاه ، وقضيّة ذلك ترتيب أحكام النجاسة عليه أيضا.
إلاّ أن يقال : بالتفكيك بين الظنّين اللازم والملزوم ، بقصر دليل حجّيّة الظنّ المستفاد من قول ذي اليد على الملزوم كما وقع نظيره في الشرع كثيرا ، وقد مرّ بعض أمثلته في بحث الاصول المثبتة.
ولكن يزيّفه : أنّه لو صحّ هذا التفكيك لزم التزامه في لوازم الظنّ بنجاسة الاناء فيما
__________________
(١) الوسائل ٢ : ١٠٧١ الباب ٥٠ من أبواب النجاسات ، ح ٢.