بعد قوله عليهالسلام : « تغسله ولا تعيد الصلاة » في صحيحته الاخرى (١) وقوله عليهالسلام : « لأنّك أعرته إيّاه وهو طاهر ، ولم تستيقن أنّه نجّسه إيّاه » بعد قوله : « لا » في جواب السائل : « هل عليّ أن أغسله؟ » في رواية عبد الله بن سنان. (٢)
فإنّه عليهالسلام اعتبر اليقين بالطهارة حدثا وخبثا في عدم وجوب الوضوء وغسل الثوب وجواز الدخول في الصلاة بدونهما وصحّتها وعدم وجوب إعادتها ، وهذا إعمال للاستصحاب السببي ورفع اليد عن الاستصحاب المسبّبي المقتضي بخلاف هذه الأحكام وهو استصحاب الأمر بالصلاة. ثمّ تعليل إعمال الاستصحاب السببي بعدم جواز نقض اليقين بالشكّ يفيد عدم كون رفع اليد عن الحالة السابقة في جانب الشكّ المسبّبي نقضا لليقين بالشكّ ، وإلاّ كان تعليلا بالعلّة المشتركة وهو قبيح عقلا وعرفا.
والسرّ في عدم كونه نقضا لليقين بالشكّ : أنّ معنى الاستصحاب السببي ترتيب جميع آثار المستصحب عليه ما لم يحصل اليقين بارتفاعه ، ومن آثار الطهارة المستصحبة حدثا وخبثا جواز الدخول في الصلاة وصحّتها وعدم وجوب إعادتها بدون التطهير ، وهذا يقين شرعي بارتفاع الأمر بالصلاة وسقوطه ، فيكون رفع اليد عن الحالة السابقة في جانب المسبّب نقضا لليقين باليقين لا بالشكّ ، بناء على أنّ المراد من اليقين الناقض لليقين السابق أعمّ من اليقين الوجداني واليقين الشرعي.
وبذلك يظهر اطّراد الحكم المستفاد من الروايات بالتقريب الّذي ذكرناه من لزوم تقديم المزيل وعدم الاعتناء بالمزال ، ويندفع به شبهة اختصاصه بالمورد.
وثانيهما : أنّ قوله عليهالسلام : « لا ينقض اليقين بالشكّ » وما بمعناه خصوصا قوله : « من كان على يقين فأصابه شكّ فليمض على يقينه ، فإنّ اليقين لا يدفع بالشكّ » بناء على تماميّة دلالته على الاستصحاب عامّ يشمل جميع أفراد اليقين والشكّ ، حتّى اليقين والشكّ في موارد تعارض الاستصحابين المزيل والمزال.
وهذا بعد تسليم العموم في لفظي « اليقين » و « الشكّ » ممّا لا كلام فيه ، بل الكلام في أنّ الداخل في هذا العموم بحسب إرادة الإمام عليهالسلام هل هو اليقين والشكّ في جانب المزيل فقط ، أو في الجانبين معا ، أو في جانب المزال فقط؟ والأخير باطل للزومه التخصيص
__________________
(١) الوسائل ٢ : ١٠٦٢ ـ ١٠٦٢ الباب ٤١ من أبواب النجاسات ، ح ١.
(٢) الوسائل ٢ : ١٠٩٥ الباب ٧٤ من أبواب النجاسات ، ح ١.