بلا موجب في الروايات بل تخصيص الأكثر ، وكذلك الثاني لأنّ دخول المزيل في العموم يوجب خروج المزال عن العموم خروجا موضوعيّا ، فتعيّن الأوّل.
وتوضيح ذلك كلّه : أنّ الاستصحاب وعدم نقض اليقين بالشكّ ممّا لا معنى له إلاّ لزوم ترتيب الآثار الشرعيّة المترتّبة على المتيقّن ما لم يحصل اليقين ـ بالمعنى الأعمّ من الشرعي ـ بارتفاعه ، سواء كانت الآثار ممّا لزم من بقاء المتيقّن بقاؤه كطهارة الجسم الطاهر الملاقي للماء المستصحب الكرّيّة أو الطهارة ، أو ممّا لزم من بقائه حدوثه كطهارة الجسم المتنجّس المغسول بالماء المستصحب الكرّيّة أو الطهارة.
ومن المعلوم أنّه ليس الحدث في مسألة من تيقّن الطهارة ، ولا النجاسة في مسألة من تيقّن طهارة ثوبه أو بدنه ، ولا الفسق في مسألة من تيقّن عدالته من آثار الأمر والاشتغال بالصلاة ، بل حصول الامتثال المسقط للأمر والصحّة المسقطة للإعادة من آثار العدالة والطهارة حدثا وخبثا.
وكذلك ليس عدم الكرّيّة فيما تيقّن كرّيّته ، وعدم الإطلاق فيما تيقّن كونه كرّا (١) والنجاسة في الكرّ المتيقّن طهارته المشكوك في تغيّره بالنجاسة من آثار نجاسة الثوب المغسول به ، ولا من آثار حدث من تطهّر به ، بل الطهارة الخبثيّة والحدثيّة من آثار كرّيّة الماء وإطلاقه وطهارته ، وكذلك ليس موت المفقود من آثار عدم وجوب نفقة زوجته ، بل وجوب نفقة الزوجة من آثار حياته ، وهكذا في سائر الأمثلة من تعارض المزيل والمزال.
وضابطه الكلّي أنّ نقيض الحالة السابقة في جانب المزال من آثار الحالة السابقة في جانب المزيل ، وليس نقيض هذه الحالة من آثار الحالة السابقة في جانب المزال.
وحينئذ فلو دخل اليقين والشكّ من المزال فقط في عموم قوله عليهالسلام : « لا ينقض اليقين بالشكّ » لزم خروج اليقين والشكّ من المزيل عن حكم العامّ ، وهو تخصيص ينفيه الأصل ، مع كونه من تخصيص الأكثر لقلّة استصحاب غير سببي ، بخلاف ما لو دخل اليقين والشكّ في جانب المزيل في العموم ، فإنّه يوجب خروج المزال خروجا موضوعيّا ، لأنّ الاستصحاب بالنسبة إلى الآثار الشرعيّة المترتّبة على المستصحب علم شرعي ، فلا يكون رفع اليد عن الحالة السابقة من المزال نقضا لليقين بالشكّ ، بل هو نقض لليقين بالعلم الشرعي ، وهذا هو معنى ما يقال من أنّ الاستصحاب السببي مقدّم على الاستصحاب
__________________
(١) والظاهر وقوع سهو هنا من قلمه الشريف ، وينبغي أن تكون العبارة هكذا : « وعدم الاطلاق فيما تيقّن كونه مطلقا » والله العالم.