وجب ترتّب الثواب على الرجاء النفساني والالتماس الغير المقارن للعمل أيضا.
يدفعه : أنّ النكتة في ذلك إمّا اعتبار اندراج المقام في عموم ( لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ )(١) إن كان حصول الثواب على وجه التفضّل لا على وجه الاستحقاق ، أو ليشبه من جهته بالمطيعين المقرّبين حيث أتى بعمل غير مطابق على وجه الانقياد طلبا لما بلغه فيه من الثواب فيحصل له مقام القرب ، أو زيادة قرب إليه تعالى ويستحقّ به الثواب المرجوّ ، إن قلنا بكون حصوله على وجه الاستحقاق.
وأمّا الاستدلال لتتميم دلالة هذه الأخبار بأنّه إذا ثبت بهذه الأخبار ترتّب الثواب على العمل تناوله عموم الخطابات الدالّة على الأمر بالاستباق إلى الخيرات والمسارعة إلى المغفرة والجنّة ، إذ لا ريب في أنّ ما يترتّب عليه الثواب مندرج في الخيرات ، والثواب الّذي يتضمّن الخبر ترتّبه على العمل قد يكون مغفرته تعالى ، أو دخول الجنّة أو ما يستلزم دخولها من نيل ما فيها من حور أو قصور ، فيتناوله الأمر بالمسارعة.
ففيه أوّلا : ما عرفت من منع ترتّب الثواب على العمل ، بل على مقارنه بشرط العمل.
وثانيا : منع اندراجه بمجرّد ذلك في الخير ما لم يثبت رجحانه ومطلوبيّته له تعالى ، فلا يتناول عموم الأمر بالاستباق إلى الخيرات ، ولو اريد إثبات خيريّته بنفس هذا العموم يلزم المحال ، لأنّ موضوع الخطاب لا يحرز بنفس هذا الخطاب المسوق لبيان حكمه لا غير.
وبما ذكر يتوجّه المنع إلى كون هذا العمل سبب المغفرة والجنّة ، ولو سلّم فهو لا يلازم الرجحان والمطلوبيّة.
ثمّ ولو سلّم دلالة هذه الأخبار على تشريع العمل البالغ فيه الثواب وجعل الاستحباب له ، فهي غير متناولة لمحتمل الوجوب المنفيّ وجوبه التكليفي بأصل البراءة لشبهة موضوعيّة أو حكميّة عن فقد النصّ أو إجماله أو تعارض النصّين ، لاختصاصها بمحتمل الاستحباب فقط ، أو هو ومحتمل الكراهة لما تضمّنها من بلوغ الثواب ، فإنّ أقصاه التناول للاستحباب إذا بلغ بهذا اللفظ ، نظرا إلى أنّ المنساق منه في أذهان المتشرّعة إنّما هو الثواب على الفعل. فلو قيل : « يستحبّ كذا » ينساق منه عرفا كونه ما يثاب على فعله ، فالإخبار بالثواب على عمل لا يتناول الإخبار بوجوب عمل ولا الإخبار بحرمة عمل ، فإنّ
__________________
(١) آل عمران : ١٩٥.