الفعل المقرون به الرجاء والالتماس ، ولعلّه تفضّل منه تعالى لجريان عادته بأنّه لا يخيّب أمله ، أو لأنّه يستحقّه بحسن نيّته الكاشفة عن مقام الانقياد ، بلا دلالة فيها صراحة ولا ظهورا على رجحان أصل العمل ومطلوبيّته له تعالى.
نعم إنّما تدلّ على الاذن والرخصة فيه فيخرج بها عن عنوان التشريع المحرّم إذا كان عبادة ، وهذا بمجرّده لا يكفي في ثبوت الاستحباب الشرعي.
ويحتمل قويّا أن يراد من الثواب الحاصل للعامل بمجرّد رجائه والتماسه ثواب خاصّ ، أو قدر معيّن منه بالغ في عمل مستحبّ ثابت استحبابه من غير جهة تلك الأخبار ، لم يعدّ له ذلك في الواقع بل ما دونه بقرينة التعبير ب « الخير » في غير واحد من تلك الأخبار ، الظاهر فيما ثبت خيريّته مع قطع النظر عنها. واحتمال إرادة ما ثبت خيريّته بها كما احتمله بعض الفضلاء (١) بعيد عن الفهم ، فلا ينبغي الإصغاء إليه بلا شاهد. وعليه فاتّضح ظهورها فيما ذكرناه ، لا فيما زعموه من كونها لإفادة تشريع العمل البالغ فيه وجعل الاستحباب له.
ولك أن تجعل العمل في مورد هذه الأخبار ما يعمّ العمل المستحبّ المحرز استحبابه لخارج منها ، والعمل الغير المستحبّ الّذي لم يثبت له استحباب مع قطع النظر عنها بقرينة كلمة الوصل الواردة فيها المفيدة للفرد الخفيّ ، لوضوح أنّه إذا كان ما لم يقله رسول الله فردا خفيّا فالفرد المقابل له هو ما قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولا يكون إلاّ في مستحبّ ثابت استحبابه من غير جهة هذه الأخبار ، وهذا ينهض قرينة قويّة على عدم كونها مسوقة لتشريع العمل البالغ فيه الثواب بطرق غير معتبرة وجعل الاستحباب له ، ولا جعل الكراهة أيضا بناء على تعميم العمل بالنسبة إلى الترك أيضا ، إمّا لأنّ الترك المقترن بالقصد والإرادة عمل حقيقة ، أو بقرينة التعبير بالشيء في بعض هذه الأخبار الشامل بعموم مفهومه للفعل والترك معا ، بل هي مسوقة للترغيب والتحريض على تحصيل المثوبات البالغة في أفعال وتروك برجائها والتماسها في الإتيان.
وتوهّم أنّ اعتبار مقارنة الرجاء والالتماس للعمل كما هو ظاهر الأخبار ممّا يأبى عدم كونها مسوقة للترغيب على أصل العمل ، وكون الثواب المرجوّ مترتّبا على مجرّد الرجاء والالتماس من دون مدخليّة للعمل فيه ، لأنّه لو صحّ ذلك فلا حاجة إلى اعتبار العمل ، بل
__________________
(١) الفصول : ٣٠٥.